التعقيب على الشيخ عدنان عبد القادر حول حكم ولاية المتغلب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد فقد اطلعت على ما ذكره الشيخ عدنان عبد القادر وفقني الله وإياه للحق ، وعصمنا من الزيغ والباطل .
حول حكم ولاية المتغلب ، والتي صدرها بقوله : (القول ببيعة المغتصب المتغلب على إطلاقه مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة ومخالف للنظر”العقل” ومخالف لواقع أفعال العلماء ) ثم ذكر أدلة على ما قال .
وليس الكلام هنا عن بيان عدم دلالة ما ذكره على المطلوب تفصيلا ، ولكن بيان أن الشيخ ـ وفقه الله ـ لم يتصور المسألة وكلام أهل العلم ؛ فأنزل الأدلة على غير محالها ، وحمل كلام أهل العلم على غير محامله ، فأردت هنا بيان ما يفضي إلى التصور الصحيح في هذه المسألة ؛ حتى لايقع الخلط بين المسائل ، أو حمل الأدلة على غير مواضعها الصحيحة ، أو تنزيل كلام أهل العلم على ما لا يوافق المقرر عندهم ، فأقول مستعينا بالله :
أولا : دلت الأدلة على وجوب نصرة الإمام القائم إذا بغي عليه ، كما ذكره أهل العلم عند حديث ( الدين النصيحة ) .
ثانيا : أجمع أهل العلم على نفوذ أحكام ولاية المتغلب ، ووجوب السمع والطاعة له في غير معصية الله ، كما دلت عليه النصوص بإطلاقاتها وعموماتها .
ثالثا : نفاذ أحكام ولاية المتغلب والطاعة له لا يعني جواز فعله ابتداء ، بمعنى أن ذلك النفاذ لايعني أنه يجوز لأحد الخروج على الإمام القائم ولو كان ظالما ، مادام مسلما .
ولهذا الذي ذكره أهل العلم هو صحة ولايته بعد تغلبه رعاية لمصالح الأمة ، لا تسويغا لخروجه على من قبله.
رابعا : إذا علم افتراق الحالين وحكمهما ، وجب تنزيل ما ورد من الأدلة وأقوال أهل العلم على ذلك ، وإلا كان التناقض ومصادرة الإجماع بغير برهان ، كما هو الشأن في المقال المذكور .
خامسا : ما تقدم ذكره هو الذي جرى عليه العمل من القرون الأولى ، فانتقال الحكم من دولة إلى أخرى كان عامته بالتغلب ، ومع ذلك كان أهل العلم يتولون لهم القضاء والولايات، ويرون نفاذ أحكامهم ، ويجاهدون معهم ، ويدينون لهم بالسمع والطاعة ، وينزلون عليهم الأدلة الواردة في ذلك . ومعرفة هذا العمل المتتابع أمر مهم ؛ حتى يعلم أن هذا إجماع عملي منهم على صحة ولاية المتغلب ، فضلا عن المنقول عنهم قولا في ذلك .
هذا وأسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه ، ويجمعنا على الحق والهدى ، ويصلح الراعي والرعية ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
كتبه / عبد العزيز بن محمد السعيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
14/10 / 1434 هـ