يقول السائل: الجفري الصوفي سوف يزور السودان في الأيام القادمة، ما نصيحتكم للسلفيين في السودان؟
قبل الجواب على هذا السؤال: أحب أن أبيِّن شيئًا قليلًا من الضلال الكبير الذي عند المدعو الجفري.
الجفري عنده شركِيَّات ليس في توحيد الألوهية الذي كان يشرك فيه كُفّار قريش، بل عنده شركِيَّات في التوحيد الذي كان يقرّ به كفار قريش، وهو توحيد الربوبية، إن أبا جهل وأبا لهب وكفار قريش يُقِرُّون بأن الله هو الخالق، الرازق، المحي، المميت، ويقولون: لا خالق إلا الله، لا رزاق إلا الله، لا محيي إلا الله، إلى غير ذلك، كما قال الله عز وجل : ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾[لقمان:25].
ففي هذا الأمر(توحيد الربوبية) أشرك فيه الجفري – والعياذ بالله- ، ولم يقف عند حد الإشراك فيه، بل صار داعية إليه، فمن كلماته الشنيعة أنه يقول: “يمكِن للولي أن يخلق ولدًا بلا أب، أو ولدًا بلا أم ولا أب”.
أعوذ بالله، يزعم في الأولياء والصالحين أنهم يستطيعون أن يخلقوا ولدًا بلا أم، أو ولدًا بلا أم ولا أب، وهذا من الشرك في توحيد الربوبية.
أما الشرك في توحيد الألوهية فهو كثير، ومن ذلك أن له كلمات مسجلَّة، ومنها ما هو مسجَّل مرئِيٌّ، ومنها ما هو صوتِيٌّ، أنه يقول في محفل: “مدد مدد يا رسول الله”، وفي بعض كلماته:”أغثني أغثني يا رسول الله”، وهذا شرك أكبر -والعياذ بالله-؛ لأن الدعاء عبادة، فدعاء المخلوقين فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر، وقد بيَّن الله أن الدعاء عبادة، وبيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل : ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾[غافر:60]، سَمَّى الدعاء عبادة.
وثبت من حديث النعمان عند أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء هو العبادة» فإذن دعاء غير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر والعياذ بالله، والجفري لم يقف عند حَدّ أن يدعو غير الله، بل تعدَّى ذلك إلى أن صار داعية يجول العالم الإسلامي وغير الإسلامي في الدعوة إلى الشرك والعياذ بالله.
وأذكر أن الجفري زار السودان قبل ما يقرب من عشر سنوات، وكانت له لقاءات، وكانت له جهود، وممن زار السودان أيضًا سلمان العودة، وسُئل عن الجفري فأشاد به وأثنى عليه، وقد سبق أن رددت على ثناء العودة على الجفري، وذكرت شيئًا من طوامِّه في درس مسجل بعنوان: “بَيْنَ سلمان العودة والجفري”، وهو موجود في “موقع الإسلام العتيق” لمن شاءه وأراده.
ثم ممَّا أحب أن أذكره لإخواني في السودان، ولغيرهم مِن إخواني في العالم أن شيخنا العلامة صالحًا الفوزان يكفِّر الجفري بعينه، ويراه مرتدًا، وقد سمعته منه بأذني ، وذلك لضلالاته العظيمة في شرك الربوبية وشرك الألوهية.
أمَّا ما يتعلق بالسؤال، وهو واجب إخواننا السلفيين في السودان: فإن مما أعرفه أن إخواننا السلفيين في السودان أهل نشاط واجتهاد، ولهم دعوة، واجتهاد كبير في دعوة الناس للتوحيد والتحذير من الشرك، فمثلهم إن شاء الله تعالى لا يحتاج إلى أن يذكَّروا ولا أن يوصّوا بالاجتهاد في تحذير الناس من الشرك ومن دعوة الجفري، بل لعلَّ في زيارة هذا الضال المُضِل للسودان تجديد نشاط إخواننا السلفيين في التحذير منه، والتحذير من الشرك، والدعوة إلى التوحيد.
فالله الله أن تجتهدوا غاية الاجتهاد، وأن تستغلوا هذه المناسبة في الجد والاجتهاد في تحذير الناس من الشرك، والدعوة إلى التوحيد.
والله الله أن تجتمعوا، وأن تكونوا على كلمة سواء على التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح، أن تكونوا سلفيين يدًا واحدة في الحب والبغض، لا يكون ولاؤكم ولا عداؤكم إلا في السُّنَّة، وتحبون وتبغضون في الله، وأن تتخذوا موقفًا من دعاة البدعة ودعاة السوء، وأن تكونوا أوّابين وإلى الله راجعين، مَن زَلَّ وأخطأ في كلمة أو غير ذلك فالله الله بالتوبة، فإن في التوبة رفعة في الدنيا والآخرة، وفيها اجتماع الكلمة، وتقوية أهل السنة، فالله الله من أخطأ أن يتوب، ومن بغى على إخوانه أن يرجع عن بغيه، وأن تتمسكوا جميعًا بالتوحيد والسنة على منهج سلف هذه الأمة، وتكونوا على كلمة سواء، فإن في الاجتماع قوة، وعزة، وفي الاجتماع نصرة إلى التوحيد والسنة.
أسأل الله أن يزيدكم نصرة لدين الله وتوفيقًا وهدى ورشادًا، وأسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعز بلاد السودان بالتوحيد والسنة وجميع بلاد المسلمين، وأن يجمع كلمة السلفيين في السودان وفي العالم الإسلامي كُلّه على التوحيد والسنة وعلى السلفية، إنه الرحمن الرحيم، وجزاكم الله خيرًا.