يقول السائل: هل يُشرع الاستغفار والذكر بقول: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام” عقب الصلوات النافلة غير الفريضة؟
الجواب:
لا يُشرع، فإن حديث ثوبان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثًا ثم قال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام»، إلى غيره من الأحاديث، إنما في الفريض ولم يكن الحديث في النافلة، وهذا هو فهم أهل العلم، فلذا لا يُشرع أن يُقال هذا الذكر بعد النافلة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكره بعد النافلة.
يقول السائل: حصل من أحد الإخوة أنه أثناء شرح الاعتقاد والكلام على مسائل التبرك قال لفظًا وهو: أن الصحابة ليس فيهم بركة. فهل هذا اللفظ يُعتبر سبًا للصحابة؟ وهل يُقام عليه الهجر والتبديع؟
الجواب:
إذا كان هذا الرجل سلفي الاعتقاد ويُقدر الصحابة ويعرف منزلتهم ومكانتهم، فيجب أن يُحمل لفظه على المعنى الحسن، فقد ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه (مدارج السالكين) أن الرجل إذا تكلم باللفظ المجمل فيُنظر إلى هديه وسيرته ليُعرف مراده من هذا اللفظ المجمل، فيُرد اللفظ المجمل إلى هديه وسيرته، ومثل هذا يُقال في هذا الرجل.
إذا قال: ليس في الصحابة بركة. وهو سني سلفي يعرف للصحابة قدرهم ومكانتهم، فيُحمل كلامه على أنه ليس فيهم بركة يُتبرك بها بأن يُتمسح بهم ويُتسابق على بصاقهم وعلى شعرهم ويُتبرك بملابسهم وغير ذلك، كما كان يُفعل برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا أن المراد أنهم غير مباركين، بل الصحابة أفضل هذه الأمة فردًا وجنسًا بالإجماع كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية، حكى على ذلك إجماع السلف الأولين،فمن خالف بعد ذلك فخلافه على خلاف ما عليه السلف الأولون.
فالصحابة لا شك مباركون وهم أفضل هذه الأمة -رضي الله عنهم- لكن هذا اللفظ يُحمل على أنه ليس فيهم البركة التي يُتبرك بها كما هو الحال في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذه قاعدة شرعية: كل من تلفظ بلفظ مجمل فيُحمل على المحمل الحسن بالنظر إلى هديه وسيرته.
يقول السائل: هل يُقام الحد على الحاكم؟ ومن يُقيمه؟ وما ضابط القدرة في ذلك؟
الجواب:
قد رأيت أكثر أهل العلم لا يذكرون هذه المسألة، وإنما ذكره بعضهم والأكثر لم يذكرها، وهؤلاء البعض ذكروا أنه لا يصح أن يُقام الحد على الحاكم لأن إقامة الحدود مُناطة للحاكم فكيف يُقام الحد عليه؟
ثم ينبغي يا إخواني ألا ننشغل بأمثال هذه المسائل وأن ننشغل بما أمرتنا الشريعة به تجاه الحكام، وهو السمع والطاعة لهم في غير معصية الله مع اعتقاد البيعة في الأعناق إلى غير ذلك، ولو تأملتم أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السمع والطاعة للحاكم لوجدتم أن الأحاديث ذكرت أن عند الحكام ذنوبًا ومعاصي …إلى غير ذلك، ولم تأمرنا بأن نُقيم الحدود عليهم وإنما أمرتنا بما يخصنا وهو السمع والطاعة لهم مع اعتقاد البيعة في الأعناق في غير معصية الله.
أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها» قالوا: فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «بؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم».
وروى مسلم عن عوف بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعنَّ يدًا من طاعة».
وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
إلى غير ذلك من الأحاديث، فلو تأملتم في هذه الأحاديث لرأيتم أنها تأمرنا بأن نتخذ الموقف الشرعي بالصبر عليهم والسمع والطاعة لهم في غير معصية الله واعتقاد البيعة، ولم تأمرنا بأن نجتهد في إقامة الحدود عليهم، وهذا خلاف ما عليه الحركيون والحزبيون، فإنهم يركزون على مثل هذا ويتركون ما جاءت به الشريعة، فاحذروا خطأهم وضلالهم في هذا الباب.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.