يقول السائل: ما حكم الشخص الذي يُزوّج ابنته أو أخته دون رضاها؟
الجواب:
لا يجوز للأب أن يُزوَّج دون رضى البنت إلا البنت البكر، فإن له أن يُزوّجها دون رضاها، لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الأيّم أحق بنفسها، والبكر تُستأمر»، وجه الدلالة: أنه فرّق بين الأيّم والبكر، فجعل الأيّم أحق بنفسها، وبمفهوم التقسيم: لا تكون البكر أحق بنفسها، فإذن لابد من استئذان البكر.
وهذا في حق الأب وحده دون غيره، وإلى القول بأن للأب أن يجبر البكر وألا يستأذنها ذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية، للحديث الذي تقدم ذكره، لكن ذلك للأب وحده على الصحيح ومع بنته، لكن ليس للأخ أن يفعل ذلك مع الأخت، بل ليس للجد أن يفعل ذلك مع الحفيدة، وهكذا، وإنما هذا خاص بالأب مع بنته البكر كما تقدم ذكره.
يقول السائل: هل حساب المال من أجل الادخار والاقتصاد في المعيشة داخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا توكأ فيوكأ عليك، ولا تحصي فيحصي الله عليكِ»؟
الجواب:
هذا الحديث رواه البخاري وغيره عن أسماء -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تُنكي فيُوكى عليكِ، ولا تُحصي فيُحصى الله عليكِ»، وأدلة الشريعة ينبغي أن يُجمع بعضها مع بعض ليُفهم المراد منها.
فإن مما جاءت به الشريعة هو ذم بسط اليد بالنفقة بلا اعتدال، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29] وقال في صفات أهل الإيمان: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].
فإذن ينبغي أن يكون المسلم وسطًا، لا إفراط ولا تفريط، وقد ثبت في البخاري عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ادّخر قوت سنة لأهله، فإذن المراد بهذا الحديث هو جمع المال وإمساكه على وجه الشح ومن غير نفقة، وعلى وجه التعلق به، إلى غير ذلك من المعاني المذمومة، أما ضبط النفس بلا إفراط ولا تفريط، فهذا مطلوب شرعًا.
وإنفاق المال كله مع ترك من تحت يده ممن يعولهم لا يجوز شرعًا، وفي المقابل إمساك المال مسك الباخلين والتعلق بالمال، هذا مذموم شرعًا، فينبغي أن يكون المسلم وسطًا، لا إفراط ولا تفريط.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.