يقول السائل: ما حكم الصلاة خلف إمام معلق لتمائم؟
الجواب:
التمائم قسمان:
القسم الأول: أن تكون التميمة من القرآن، وهذه فيها خلاف معتبر بين سلف هذه الأمة وبين علماء الإسلام، فمن رأى جوازها فلا يُشدد عليه، فهو ما بين مصيب له أجران أو مخطئ له أجر واحد، فإذا علَّق أحد تميمة من القرآن فلا يُشدد عليه.
القسم الثاني: التمائم من غير القرآن، وتعليق هذه شرك، لما ثبت عند أحمد عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال: «من تعلق تميمة فقد أشرك».
والمراد بالشرك في حديث عقبة الشرك الأصغر لا الأكبر، وليس معنى كونه شركًا أصغر أنه سهل بل هو عظيم وجرمه كبير، وذلك أن الشرك الأصغر أعظم إثمًا من الكبائر، كما يدل على ذلك فتاوى الصحابة كعمر عند عبد الرزاق، وقد حكى ابن قاسم في حاشيته على كتاب التوحيد الإجماع على ذلك. فإذن الشرك الأصغر عظيم الإثم، فلا يُتساهل فيه.
فهذا الإمام إذا كان مُظهرًا لهذه التميمة فإنه يُناصح، فإن استجاب فالحمد لله، فإن لم يستجب ووُجد غيره فيُصلى خلف غيره من أئمة المساجد، فإن لم يوجد إلا هو فيُصلى خلفه ولا تُترك صلاة الجماعة لأن الإمام يلبس تميمة، فقد صلى الصحابة كابن عمر وغيره خلف الخوارج وصلى ابن عمر كما في البخاري خلف الحجاج، فلا تُترك صلاة الجماعة في المسجد لسوء حال الإمام، وقد ذكر هذا أئمة المذاهب الأربعة وهو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن الأدلة ما ثبت في البخاري عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم»، إذن لا تُترك صلاة الجماعة لسوء حال الإمام بما أنه مسلم.
يقول السائل: نحن في أقلية إسلامية، وبعض الشباب المسلمين يتزوجون بكتابيات، وعادة الكفار أن المرأة الكبيرة تزوج نفسها ولا دخل لوليها في زواجها، ونظرًا لهذا الوضع فإن الإخوة الدعاة والمراكز الإسلامية يعقدون عقد الكتاب للكتابيات، فيقوم الإمام أو الداعية مقام وليها أحيانًا بالإذن وأحيانًا بدون وقوع الإذن من وليها، بل ربما دون علمه أيضًا، فهل يكون هذا النوع من العقد
الجواب:
ينبغي أن يُعلم أن الشريعة أجازت زواج الكتابية -أي اليهودية والنصرانية- كما قال سبحانه: ﴿والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان﴾.
لكن ينبغي أن يُراعى في ذلك أمور:
الأمر الأول: ألا يكون عقد النكاح في كنيسة، فإن بعض المسلمين تساهل ويعقد عقد النكاح في كنيسة، وهذا محرم فإن الكنائس أماكن كفر وشرك بالله.
الأمر الثاني: يشترط أن تكون المرأة عفيفة، لذا قال سبحانه: ﴿محصنات﴾ أي أن تكون عفيفة، لا أن تكون متساهلة في الزنا وغير ذلك ولم تتب منه، أو تكون متبرجة غير مبالية، فبعض النساء متبرجة …إلخ، فمثل هذه لا يُنصح المسلم أن يتزوجها حتى ولو كانت مسلمة، فلا يُنصح المسلم أن يتزوج امرأة متبرجة لا تبالي في لباسها أو غير ذلك.
الأمر الثالث: لا يصح زواج اليهودية والنصرانية إلا بإذن وليها، لما ثبت عند الخمسة إلا النسائي من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي ﷺ قال: «لا نكاح إلا بولي»، فوليها هو أبوها، فإن لم يكن أبوها موجودًا أو لم يستجب لها إذا طلبته للإذن، فإن الولاية تنتقل إلى جدها، ثم إلى ابنها إذا كان لها ابن، ثم إلى أخيها الشقيق، ثم إلى أخيها لأب، ثم إلى عمها، وهكذا، فلا يصح أن يكون الخال وليًا لأنه ليس من ذوي العصبات.
فالمقصود أنه لابد أن يأذن لها وليها، فإن لم يُبالِ بها وليها الأقرب فيُنتقل لمن بعده، إذا لم يُبالِ بها الأب يُنتقل إلى الجد، وإذا لم يُبالِ الجد يُنتقل للابن، وهكذا، فالمقصود أنه لابد أن يُؤخذ إذنه بأي طريقة ممكنة ولا يُتساهل في مثل هذا، ولا تتساهل المراكز الإسلامية ولا غيرها في الإذن، فإن إذن الولي شرط لصحة النكاح.
لكن لو قدر أن أولياءها غير موجودين أو حاولت أن تتواصل معهم ولم يستجب أحد من أوليائها من العصبات كلهم، فإنه في مثل هذا يرجع الأمر إلى من له سلطة من المسلمين، كأن يكون إمام مسجد أو رئيس مركز أو نحو ذلك، فإن لم يوجد أحد له نوع سلطة ولو أن يكون إمام مسجد أو رئيس مركز فإنها تختار رجلًا يكون وليًا لها، كما ثبت معنى هذا عن ابن سيرين وهو من أئمة التابعين -رحمه الله تعالى-.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.