يقول السائل: هل يجب جمع المال للحج؟
الجواب:
أولًا ينبغي أن يُعلم أن الحج واجبٌ على الفور، فكل من بَلَغَ وكان مستطيعًا للحج بأن كان يملك زادًا وراحلةً تصلح لمثله فيجب عليه الحج؛ وذلك أن الأمر يقتضي الفور، والله تعالى يقول: {ولله على الناس حِج البيت من استطاع إليه سبيلًا}، وثبت عند البيهقي وصححه الحافظ ابن حجر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: “ليمت يهوديًا أو نصرانيًا -ثلاثًا- من كان ذا سعة وخليت له السبيل ولم يحج”. فهذا وعيد شديد من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لذا ذهب جماهير أهل العلم أن الحج واجبٌ على الفور.
فعلى هذا من كان عنده مالٌ يستطيع به الحج وقد بلَغَ فقد وجب عليه الحج، ومن لم يكن كذلك فهو معذور، وفي زماننا هذا من بلغ وكان عنده مال يستطيع به الحج ثم تيسَّر له الحج بأن حجَزَ للحج فتيسّر له الحج فيجب عليه أن يحُج، لكن لا يجب على المسلم أن يجمع مالًا لأجل أن يحج، وإنما إذا كان عنده مال وحان وقت الحج وهو مستطيع للحج فإنه يجب أن يمسك هذا المال لأجل أن يحج لكن لا يجب عليه أن يجمع المال لأجل أن يحج.
وفي هذا وقع بعض المسلمين في إفراط وتفريط، فمن المسلمين من يبيع بيته أو بقرته التي يقتات منها لأجل أن يحج، وهذا خطأ فإن الله لم يُوجب الحج على من كان كذلك، بل النفقة على النفس والأولاد مُقدمة على وجوب الحج.
وفي المقابل من المسلمين من لا يحج ويُفرِّط ويُضيِّع أمواله في الرحلات والنزهات والسفر شرقًا وغربًا، ويتأخَّر في أداء الحج بحُجَّة أن الحج مُكلف، وهو قد أضاع ماله في أمثال هذه الأمور، ومثل هذا آثم، فإنه إن كان بالغًا وأمكنه أن يحج وعنده هذا المال ولم يحج وضيَّع هذا المال في أمثال هذه الأمور فإنه آثم.
فينبغي للمسلمين أن يجتهدوا على الحج إذا كانوا قادرين وأن يُبادروا به، لاسيما في حق النساء فإن كثيرًا من النساء تكون مقصرةً في المبادرة إلى الحج، فتكون ذا مال وقادرة على الحج ومع ذلك لا تحج، وهذا من الخطأ، فإن الحج ركن الإسلام وهو الركن الخامس من أركان هذا الدين العظيم.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.