يقول السائل: هل العمل في البنوك الربوية محرم أم لا؟
الجواب:
يختلف العمل في البنوك الربوية باختلاف البنك، فأكثر البنوك ربوية ومثل هذه لا يجوز التعامل معها في التعاملات المحرمة الربوية، ومن البنوك من تتقي المعاملات الربوية لكنها تتعامل بالحيل وتتبع الرخص، وهؤلاء آثمون أيضًا، لذا من تعاون معهم تعاونًا محرمًا فهو آثم، لقوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾.
فكل تعاون مع هذه البنوك التي فيها ما حرم الله أو تعاون معها في معاملة محرمة فهو آثم، أما لو كان البنك سالمًا من هذه المحرمات فيجوز العمل فيه، أو أن يكون له جهة مستقلة لا علاقة لها بالجهة الأولى ويتعامل معاملات مباحة فهذا جائز.
كما لو أن هناك يهوديًا يتعامل معاملات ربوية وله تجارة أخرى غير ربوية، فتاجر مسلم مع هذا اليهودي في التجارات غير الربوية فهذا جائز، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعامل معهم، وقد مات -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي .
فليس معنى كونه بنكًا ربويًا أو كون اليهود يتعاملون بالربا وهم أكلة الربا كما ذكر الله عنهم في القرآن أنه لا يُتعامل معهم مطلقًا، بل يُتعامل معهم على جهة منفكة على طريقة مباحة.
فإذن البنك الربوي لا يجوز العمل فيه لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، ومثل البنك القائم على الحيل وتتبع الرخص لا يجوز العمل فيه لأن مثل هذا محرم، وتتبع الرخص محرم بإجماع أهل العلم كما حكاه ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله).
لكن لو وُجد بنك خالٍ من هذا جاز التعامل معه، أو وُجدت معاملات منفكة عن المعاملات المحرمة وليس هناك تعاون معها على ما تقدم تفصيله فيجوز التعامل في مثل هذا، فيختلف الأمر بما تقدم ذكره.
وأؤكد أن الربا كبيرة من كبائر الذنوب، ومن تعاون معه فهو مُهدد باللعن وداخل في وعيد اللعن كما أخرج مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: “لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء”.
نسأل الله العافية.
يقول السائل: هل يصح أن يُقال عن الأشاعرة اليوم إنهم جهمية بالعموم مع التفريق بينهم وبين غلاة الجهمية؟ وما هو قول الجهمية في القدر؟
الجواب:
يقال: إن للجهمية إطلاقين:
الإطلاق الأول: بالمعنى الخاص، وهم المنسوبون للجهم بن صفوان، وقد أخذ مذهبه عن شيخه الجعد بن درهم، وهؤلاء لهم مذهبهم المعروف في أسماء الله وصفاته والقدر وغير ذلك.
الإطلاق الثاني: بالمعنى العام، وهم كل من أوَّل شيئًا من أسماء الله وصفاته، فيدخل في ذلك الأشاعرة والماتريدية وكل مُؤوِّل، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (التسعينية)، وكان ابن تيمية يسمى الرازي “الجهمي” في كتابه (بيان تلبيس الجهمية)، لأنه مؤوِّل، فإطلاق ابن تيمية عليه بأنه جهمي -والله أعلم- من باب الإطلاق الثاني وهو أنه يُطلق على كل مؤوِّل.
لاسيما وينبغي أن يُعلم أن الأشاعرة المتأخرين قد قربوا من الجهمية والمعتزلة، وبعدوا عن الأشاعرة الأولين، لذا يقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في (الفتوى الحموية): وعامة التأويلات التي بين أيدينا اليوم هي تأويلات بشر المريسي التي ردَّ عليها الدارمي.
فإذن ما كان الأشاعرة الأولون على هذه الأقوال، لكنها انتشرت عند المتأخرين، فالأشاعرة الأولون يُثبتون صفة الوجه والعينين واليدين، كأبي الحسن الأشعري وابن فورك، أما المتأخرون فإنهم خالفوا حتى في هذه الصفات.
لذا يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية): كلما تأخر الأشاعرة ساء مذهبهم.
أما قوله: [وما هو قول الجهمية في القدر؟]
فيقال: الجهمية في القدر جبرية، فهم يسلبون الإرادة عن العبد ويقولون لا إرادة للعبد، فهو كالريش في مهب الريح، ومثلهم الأشاعرة لكنهم حرفوا ذلك وسموه بالكسب، وحقيقة الكسب أنه يرجع إلى قول الجهمية.
وينبغي أن يُعلم أن للأشاعرة نشاطًا في هذه الأزمان وهذه السنيات، ولهم جامعات فُتحت في هولندا وفي إفريقيا، ولهم نشاط، فينبغي أن يجتهد أهل السنة في معرفة منهجهم وضلالهم، ويجتهدوا في صد ذلك.
ومما زاد الأشاعرة نشاطًا أن بعض أهل السنة انشغل بعضهم ببعض وغفلوا عنهم، وهذا من الخطأ، وينبغي أن نتقي الله وأن نقوم بالواجب الشرعي وألا ندع المجال لهؤلاء الأشاعرة المفسدين، وليُعلم أن مذهبهم من أفسد المذاهب عقلًا وشرعًا ومن أسهلها ردًا، لأنهم متناقضون، وقد بيَّنت هذا في شرح (الفتوى الحموية)، وهو موجود في موقع الإسلام العتيق، وفي رد خاص على الأشاعرة صوتي وهو موجود في موقع الإسلام العتيق.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.