المشاركة في بيان حكم قول بعض الناس لبعض: جمعة مباركة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
ﻓﻘﺪﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ـ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢﻗﺎﻝ: (ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ)،
ﻭﻟﻤﺴﻠﻢﻭﻋﻠﻘﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: (ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻋﻤﻼً ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ).
ﻭﺛﺒﺖﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: (ﺍﺗﺒﻌﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺒﺘﺪﻋﻮﺍ ﻓﻘﺪ ﻛُﻔﻴﺘﻢ) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮﺧﻴﺜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ (54)، ﻭﻭﻛﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻫﺪ (315)، ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ.
ﻭﻗﺎﻝﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ:(ﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ، ﻭﺇﻥ ﺭﺁﻫﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣسنة).ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﻼﻟﻜﺎﺋﻲ(126) ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ.
ﻭﻗﺎﻝﺣﺴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:(ﻣﺎ ﺍﺑﺘﺪﻉ ﻗﻮﻡ ﺑﺪﻋﺔ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢ ﺇﻻ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﻬﻢﻣﺜﻠﻬﺎ ﺛﻢ ﻻ ﻳﻌﻴﺪﻫﺎ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺪﺍﺭﻣﻲ(99) ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ.
ﻭﻗﺎﻝﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: (ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺷﻴﺌﺎً ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻠﻔﻬﺎ ﻓﻘﺪﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ{ ﺍﻟﻴﻮﻡﺃﻛﻤﻠﺖ ﻟﻜﻢ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﺃﺗﻤﻤﺖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻧﻌﻤﺘﻲ ﻭﺭﺿﻴﺖ ﻟﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨﺎً}، ﻓﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻮﻣﺌﺬﺩﻳﻨﺎً ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺩﻳﻨﺎً) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺣﻜﺎﻡ 6/225.
ﻭﻗﺎﻝﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ــ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ــ: (ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺷﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﺟﻤﺎﻉ). ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ 20/103
ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ المقررة عند أهل العلم، وبينها أحسن بيان شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع: ﺃﻥ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﺑﻪﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻳﺮﺟﻮ ﻣﻨﻪ ﺃﺟﺮﺍً ﻭﺛﻮﺍﺑﺎً ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻭﻻ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ.
ﻭﻣﻦ المحدثات ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ التزام قول بعض الناس لبعض:[جمعة مباركة].
فقد شاع بين كثير من الناس قول ذلك عند التلاقي أو عن طريق رسائل الجوال، وهذا القول محدث غير مشروع؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا ريب أنهم أحرص منا على الخير، فلو كان خيراً لسبقونا إليه.
وليس هذا من قبيل التحايا والتهاني التي هي في الأصل أقرب إلى العادات فيتوسع فيها.. ولا يصح قياسه على العيد، لثبوت أصل التهنئة به عن الصحابة.
ولا على رمضان لثبوت ذلك في السنة كما ذكره بعض العلماء فيما نقله الحافظ ابن رجب.
ثم على فرض التسليم بأنها من جملة التهاني فلِمَ يخصصها الناس بيوم الجمعة؟ لا سيما والبركة التي يدعو لك بها صاحبك في يوم الجمعة مطلوبة كل يوم، فلم لا يقال: سبت مبارك وأربعاء مبارك وهكذا؟ وهذا لاشك أنه باطل، ولازم المذهب الباطل باطل مثله.
ثم إن يوم الجمعة يوم ورد تفضيله في الشرع، وثبت أن فيه ساعة يستجاب فيها الدعاء، وتخصيصه بدعاء معين يحتاج إلى دليل.
ولك أن تتأمل في أمر، ألا وهو: كيف تنبه بعض أهل زماننا لهذه الفضيلة التي لم يعرفها المسلمون طيلة القرون الماضية؟ فلو لم يظهر لك نكارتها وبدعيتها، فلا أقل من أن تتركها من باب قوله عليه الصلاة والسلام(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
وقد أفتى جماعة من أهل العلم بعدم مشروعية هذا القول وأنه من البدع، ومنهم: العلامة الإمام محمد ابن عثيمين(نقله تلميذه صاحب الكنز الثمين).
والعلامة الشيخ صالح الفوزان، كما في(برنامج نور على الدرب، ومجلة الدعوة)، وهو في موقعه
http://alfawzan.ws/node/13651
وسماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ:http://www.youtube.com/watch?v=0g1xaUdWaUk&feature=youtube_gdata_player
والعلامة الشيخ عبدالمحسن العباد (شرح سنن ابن ماجه/شريط 84)
http://majalis-aldikr.com/play-4688.html
والعلامة الشيخ أحمد النجمي
http://vb.noor-alyaqeen.com/t24035/
فاجتنبوا رحمكم الله المحدثات والبدع، فإنها شر وبلاء، وربما استحسنها بعض المسلمين لحسن نيته ومحبته للخير، وهذا وحده غير كافٍ، فالنية الحسنة لا تجعل العمل حسناً حتى يكون موافقاً للسنة، وفي مسند الدارمي عن ابن مسعود:(كم من مريد للخير لن يصيبه؟). قال الإمام أبو زرعة الرازي:[ما أسرع الناس إلى البدع].
وﻗﺎﻝﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﺑﻬﺎﺭﻱ:(ﻭﺍﺣﺬﺭ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﺈﻥ ﺻﻐﻴﺮ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻳﻌﻮﺩ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮﻛﺒﻴﺮﺍً، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﺎﻏﺘﺮ ﺑﺬﻟﻚﻣﻦ ﺩﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻌﻈﻤﺖ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺩﻳﻨﺎً ﻳﺪﺍﻥ ﺑﻪ ﻓﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ). ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺹ61
ﻭﻗﺎﻝﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: (ﻓﺎﻟﺒﺪﻉ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺷﺒﺮﺍً ﺛﻢ ﺗﻜﺜﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺗﺒﺎﻉ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻴﺮﺃﺫﺭﻋﺎً ﻭﺃﻣﻴﺎﻻً ﻭﻓﺮﺍﺳﺦ) [ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ 8/425]،
ﻭﻗﺎﻝ: (ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺃﻭﻻً ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺧﻒ, ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻨﻮﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻗﻮﻳﺖ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ) (ﺍﻟﺘﺪﻣﺮﻳﺔ ﺹ194)، (ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ 28/489)،
ﻭﻗﺎﻝﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ: (ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺗﺴﺘﺪﺭﺝ ﺑﺼﻐﻴﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺴﻠﺦ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦﻛﻤﺎ ﺗﻨﺴﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﻴﻦ، ﻓﻤﻔﺎﺳﺪ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ، ﻭﺍﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﺿﺎﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻰ {ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻧﻮﺭﺍً ﻓﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ}). ﻣﺪﺍﺭﺝﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ 1/224
أسأل الله أن يوفق الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وكتب أخوكم:
حسام بن عبدالله الحسين
21/6/1433هـ