بيان الحقائق لما اشتمل عليه منهج عبدالرحمن عبد الخالق (1)
سالم بن سعد الطويل
www.saltaweel.com
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد اطلعت على مقابلة طويلة أجريت مع الشيخ الأستاذ عبدالرحمن عبد الخالق، عفا الله عنه وختم له بخير، في جريدة الوطن بتاريخ 24- 25جمادى الأولى 1432 الموافق 2011/4/28-27، وقد قرر في مقابلته مسائل عدة شوَّهت السلفية الحقة ونصر فيها منهج الاخوان المسلمين لاسيما وقد لقبه المحاور بشيخ سلفية الكويت، فأستعنت بالله في كتابة هذه المقالات في بيان الحقائق لما اشتمل عليه منهج عبدالرحمن عبد الخالق، فأقول:
1- الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق على منهج الاخوان المسلمين ويتدثر بثوب سلفي، ولا يخفى على من له أدنى متابعة بأن الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله- قبل أكثر من 20 سنة قال مراراً:
(الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق من طلابنا في الجامعة الاسلامية وهو أخ سلفي لكن انحرف بالأخوة السلفيين الى طريق الاخوان المسلمين فحزَّبهم وأدخلهم في السياسة)، أو كما قال.
2- ليس للشيخ عبدالرحمن عبد الخالق ولا لغيره عهد عند الله تعالى بأن من سلك المنهج السلفي أو سار على طريقة السلف فانه لن ينحرف عنها أبداً، فالسلفيون كغيرهم عرضة لكل عارض، بل السلفيون كما قال الشيخ عبدالرحمن بنفسه في مقابلته:
(السلفيون ليسوا ناساً منزلين من السماء ومعنى ان الشخص سلفي فهذا لا يعني أنه لا يخطئ أو لا يؤثر الدنيا على الآخرة، فالسلفيون بشر مثل كل الناس فيهم من يؤثر الدنيا على الآخرة فلا نقول ان كل سلفي مبرأ من العيب وأنه نقي مطلقاً انهم ليسوا ملائكة ولا أنبياء..الخ) انتهى.
أقول: نعم صدقت يا شيخ عبدالرحمن فليس كل سلفي معصوماً من ان يتحول من السلفية الى الاخوانية بل السلفي عرضة حتى للردة والعياذ بالله وأنت يا شيخ عبدالرحمن انحرفت من السلفية الى منهج الاخوان المسلمين كما قال الشيخ الألباني.
3- ليس بالضرورة ان ينخرط الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق في تنظيم الاخوان حتى يقال انه من الاخوان وانما المقصود موافقته للاخوان في منهجيته وطرحه كما قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى (انحرف الى طريق الاخوان المسلمين).
4- لقد كان كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى كافياً للحكم على ان الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق قد تخلى عن منهج السلف وسلك منهج الاخوان المسلمين لكن كما يقال لتضافر الأدلة وزيادة الاطمئنان، سأذكر لك أخي القارئ بعض الأدلة الدالة بوضوح على تلك الحقيقة.
أ – لما سُئل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق في المقابلة السؤال التالي: ما الفرق بين السلفي والاخواني في ظل قبولهما بالعمل السياسي؟ فأجاب:
لا أرى فرقاً مهماً، فهما مثلما تقول جماعة كذا وجماعة كذا في اطار الاسلام الواحد، وقد يكون الخلاف بينهما مسألة الأولويات لكن الكل مرجعه الى الكتاب والسنة ولكن يؤخذ على الاخوان المسلمين التنظيم الحزبي المتشدد، أما السلفيون فليسوا تنظيماً وانما تيار عام في الأمة.
ب – ولما سئل في المقابلة السؤال التالي: لو جاءت نتائج الانتخابات أو عضو برلمان علماني أو ليبرالي أو غير سلفي عموماً فقال مقاطعاً: لابد ان نقبل به فنحن قبلنا بالنظام ولابد ان نرضى بنتائجه، ولتعزز صناديق الانتخابات من تفرزه فالانتخابات عقد وعهد وينبغي ان نفي بهذه العهود والعقود لكن على الأغلبية ألا تلغي الأقلية فاذا انتخبنا مجلس أمة وطرح عليه موضوع اقتصادي كأن نسير في اطار اقتصاد حر أو اقتصاد مقيد فلابد ان نرضى بقرار الأغلبية ونحترم رؤية الأقلية.
فقال له المحاور: حقيقة للمرة الأولى التي استمع فيها الى (سلفي ديموقراطي) فهل أنت سلفي بالفعل؟ يقول المحاور: يضحك الشيخ بشدة ويداعب عصاه ولا يرد، انتهى.
ج- موافقته للاخوان بجميع أساليبهم وطرقهم وفتحه الباب على مصراعيه من الاعتصامات والمظاهرات والخروج على الحاكم كما قال في مقابلته لما قال له المحاور: أي ان الاعتصامات والتظاهرات وغيرها مشروعة؟ فأجاب: أي صورة من الصور التي يتفق عليها الناس مشروعة وجائزة طالما أنها سلمية والنموذج الجلي على ذلك هو ثورتا مصر وتونس،انتهى كلامه.
وقال في المقابلة نفسها قوله: شباب مصر قاموا بأنظف وأفضل ثورة وجدت في التاريخ فلا توجد ثورة في التاريخ القديم أو المعاصرفي النظام والأخلاق والأدبيات والأهداف التي قامت من أجلها وفي الأسلوب الذي اتبعه الناس لم تر طول تاريخها صورة لا يقوم فيها الثوار بالاعتداء على الناس وسفك دمائهم وتخريب الممتلكات بالعبث أو غيره ثم يجتمع فيها كل أطياف المجتمع المصري في تناسق وتنسيق وأدب وخلق على هذا النحو، هذا أمر غير مسبوق…الى ان قال:الثورة المصرية خرجت لتزيح الحاكم وتنادي بنظام ديموقراطي.انتهى كلامه.
أقول: أخي القارئ الكريم اذا تدبرت ما ذكرته لك سيظهر لك جلياً ان الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق قد بعد جداً عن الجادة السلفية اللهم الا ان تكون سلفية محدثة كالسلفية الجهادية والسلفية العلمية وكذا السلفية الديموقراطية، أما السلفية التي هي بحق اتباع ما عليه سلف الأمة فالشيخ عبدالرحمن ليس كذلك.
وبيان ذلك:
1- السلفي يُعرف بتزكية العلماء له لا بذمهم له وردودهم المتتالية عليه فالشيخ عبدالرحمن عبد الخالق ردَّ عليه عدد من علماء السنة كالشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ الألباني والشيخ مقبل الوادعي والشيخ صالح الفوزان والشيخ ربيع المدخلي وآخرين.
2- لا يمكن لسلفي يجهل عشرات الفروق التي بين السلفية الحقة وبين دعوة الاخوان المسلمين ومنهجهم فقول عبدالرحمن عبد الخالق (لا فرق بين السلفي والاخواني) غلط كبير الا اللهم ان أراد سلفيته التي حدثها مخالفاً بها كثيراً من نصوص الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فهذا صحيح فهي سلفية اخوانية صرف ليس لها من السلفية الحقة الا اسمها.
3- كيف لسلفي ان يقبل بالليبرالي والعلماني والنصراني والشيطاني لمجرد افراز الصناديق له؟! فالشيخ عبدالرحمن عبد الخالق يصرح بقوله لابد ان نرضى بنتائجه، وزعم ان الانتخابات عقد وعهد ينبغي ان نفي بهذه العهود والعقود!!
أقول: وهذا في الحقيقة باطل فالانتخابات قد فرضت علينا فرضاً لم نعقد عليها عهداً، بل العهد الذي عقدناه هو مع الله عز وجل كما في قوله {أَلَمْ أَعْهَدْ الَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ ألا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ انَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)} [يس]، وقال تعالى: {وَاذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ان تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ انَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172)} [الأعراف]، ثم ان الله تعالى يقول: {وَلَنْيَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} [النساء]، والشيخ عبدالرحمن يقول نقبل أياً كان بما ان الصناديق أفرزته وجعل الحكم الذي يرجع اليه هو صندوق الانتخاب فأي سلفية يحملها هذا الشيخ غفر الله له؟!
4- ثم مما يدل على بعد الشيخ عن السلفية الصحيحة قوله (لكن على الأغلبية ألا تلغي الأقلية…الى ان قال: فلابد ان نرضى بقرار الأغلبية ونحترم رؤية الأقلية)، وهذا مخالف لحكم الله تعالى فالذي أوجب الله علينا ان نرضى به هو حكم الله ورسوله كما قال تعالى: {انَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ اذَا دُعُوا الَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ان يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)} [النور]، ويقول تعالى: {فَانْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ الَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ان كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ اذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ان يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب] ويقول تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء] نعم الى كتاب الله وسنة رسوله يكون التحاكم والرضا بالحكم لا للأغلبية التي ذمها الله تعالى في كتابه بقوله {وَانْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ان يَتَّبِعُونَ الَّا الظَّنَّ وَانْ هُمْ الَّا يَخْرُصُونَ (116)} [الأنعام].
وأما قوله -عفا الله عنه: على الأغلبية ألا تلغي الأقلية، وقوله:ونحترم رؤية الأقلية فباطل أيضاً، فقد تكون هذه الأقلية مبطلة فاسدة شاذة فلا تستحق الاحترام ويجب الغاؤها تماماً كما لو وجد أقلية من عبدة الشيطان أو من المخنثين الشاذين فمثل هؤلاء أي احترام يستحقون؟!
5- ومما يدل على بعد الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق عن السلفية اباحته لكل طريقة حتى الخروج على الحاكم بالكلام الذي هو بداية الخروج بالسنان، ويبيح المظاهرات والاعتصامات التي جاءتنا من الغرب وأنكرها كل علماء السنة من السلفيين، ولم يقل بها الا دعاة الاخوان كالدكتور القرضاوي والدكتور السويدان والدكتور النشمي والشيخ عبدالرحمن مع هؤلاء مخالف لكل العلماء الذين افتوا بحرمة المظاهرات والاعتصامات.
6- وأما ما زعمه الشيخ عبدالرحمن من نظافة ونزاهة ثورة مصر فسأكتب في الرد عليه المقال القادم ان شاء الله تعالى.
أسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جريدة الوطن (الكويت)
مايو – 2011