والوعد بهذا المقال الذي عنوانه ( بين عائض القرني والجماهير ) .
إن من أشد أسباب ضلال الدكتور عائض القرني وأمثاله أنهم جمهوريون يتبعون الجماهير، لذا تراهم يميلون حيث تميل بهم رغبات الجماهير يمنة ويسرة، وهذا لوضوحه لا يحتاج إلى إيضاح لمن لم يُقَيدوا برقّ الحزبية المقيتة، أو يغتروا بالهالة الحزبية الإعلامية الملبسة بلباس الإسلام المزعوم .
وإليك شيئاً قليلاً من الأمثلة الدالة على ذلك وبها يعرف غيرها، وإني في غنية عن التمثيل والتدليل لولا حبي لإخواني الملبس عليهم إعلامياً بالهالة الحزبية :
المثال الأول/ موقفه في حجاب المرأة :
كان فيما مضى ينادي بحرمة كشف الوجه، لأن هذا ما يريده من يخاطبهم ويخطب ودهم وهم شباب الصحوة، ثم لما تميع وغيّر جماهيره جوز كشف الوجه، فلما رُد عليه وقام الناس عليه بيّن أنه على القول بوجوب غطاء الوجه، ثم لما ذهب إلى الكويت في استضافة بقناة الرسالة صدع بجواز كشف الوجه ، لأن هذا هو الذي يرضي أولئك الجماهير وهكذا …
كان عائض القرني كغيره ممن نشأ في هذه الدولة المباركة – ولله الحمد – شديداً على الرافضة ، وكان هذا هو المناسب لجمهوره الأول ، لكن لما غيّر جماهيره غير خطابه بما يتلاءم مع الجماهير الجدد وهم كثير من ضعاف الدين المنتشرين في العالم الإسلامي وغيره الظانين أنفسهم أهل ثقافة شرعية ، بالإضافة إلى كثير من المسلمين ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين في العالم الإسلامي وغيره ، وكثير منهم إما من التيار الإخواني (العدو للحب والبغض في التوحيد والسنة) ، وإما من ذوي الجهالة المنطلقين في كثير من أمورهم الدينية من منطلقات عقلية وذوقية .
فلما كان الحال كذلك تميع في خطابه وكلامه عن الرافضة مكفرة الصحابة ، كما بينت ذلك ووثقته في مقال سابق بعنوان ( بين عائض القرني والرافضة )
كان قبل شديداً على دولة الجزائر – أعزها الله بالتوحيد والسنة – حتى أيد الجبهات المعارضة والسافكة للدماء، وبعد مضي السنين تغير موقفه بتغير جماهيره ، وانتقل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين – إن صح هذا التعبير – ، فمن تشدده الدموي إلى تميعه العقدي حتى أقر الشرك لما سمعه بل وأشاد به . وتقدم بيان هذا في مقال سابق ( بين عائض القرني والجزائر )
وقبل أسابيع زار دولة عمان الدولة الأباضية – أصلح الله حالها وحال ولاتها دينياً وزادهم أمناً واستقراراً دنيوياً – فأشاد بهم وأثنى عليهم، وزار مفتيهم بل وأنشد فيهم أشعاراً وحضر مجامع الاختلاط مع نسائهم .
يا لله أين الدين والغيرة على سنة سيد المرسلين ؟ (الشرق الأوسط – الثلاثاء 1 رجب 1430هـ )
ألهذه الحالة تصير حال سكارى الجمهرة والجماهير ؟!
صم بكم عمي قائدهم ما يطلبه الجمهور فإن مشوا فإلى ما يرضي الجماهير ، وإن تكلموا فبما يطلبه المستمعون .
المثال الرابع/ التميع مع العلمانيين: إنه لما كان جمهور عائض القرني الأول شديداً على العلمانيين كان شديداً عليهم، وممن كانوا يصفونه علمانياً غازياً القصيبي، وتواردوا على كتابة كتب وإلقاء خطب في الرد عليه، وكان ممن خطب فيه عائض القرني، ولما تغير جماهيره وأصبح عداء غازي القصيبي لا يرضيهم غيّر موقفه ، فقال في مجلة فواصل العدد (128) تاريخ 1 / 11 / 2003 م أثناء سؤال وجه إليه عن الخلاف بينه وبين القصيبي: صفاء ووفاء وتعاون على البر والتقوى وجسور إخاء ، وننتظر من الدكتور غازي مزيداً من العطاء، وأما ما مر فهذا من الذي يطوى ولا يروى ويغفل وينسى .
أتظن يا أيها القرني أن السذاجة بلغت بالناس مبلغاً يطوون ما لا ترغب ويرون ما تشتهي وترغب !؟
أرجو أن تعرف قدرك ومقدارك ، وتعرف للناس قدرهم ومقدارهم ولا تظن محبة كثير من الناس لك -سابقاً- دالاً على سذاجتهم، وأنه كان لذاتك، بل كان حبهم لما ظنوك عليه من الدين والدعوة إلى الله، لذا إذا تبين لهم خلاف ذلك زال موجب الحب، وحل محله البغض في الله ، وهذا مقتضى الإيمان الصادق .
المثال الخامس/ نشر عائض القرني مقالاً تحدث فيه عن نفسه بأنه متابع لمباريات المونديال الكبير وخاض مع الرياضيين في تحليل بعض الأحداث الرياضية . قال في مقال بالشرق الأوسط 12/6/1427هـ العدد (10085)
لقد شاهدتُ ـ مثل غيري ـ بعضاً من مباريات هذا المونديال الكبير ، على سبيل المثال ، شاهدتُ مباراة المنتخب الفرنسي والمنتخب الألماني ، وحمدتُ الله على الأداء الموفق للاعب المسلم زين الدين زيدان ، الذي سرني كونه مسلماً يعتز بانتمائه الإسلامي ويصرح بأنه متشبع بروح الإسلام وأن الدين الحنيف يمثل مرجعيته الروحية هو وأفراد عائلته .. وطالما كنا نقول إنه ليس معقولاً أن نتحدث عن مباريات كرة القدم في وسائل الإعلام ، وهذه اللعبة يشاهدها اليوم أكثر من ثلاثة مليارات نسمة حول العالم ، ونحن لم نشاهدها ولم نطلع عليها !!
لقد لفت انتباهي أداء المنتخب السعودي ، وشكرت اللاعبين الذين بدوا بروح عالية ، خاصة أولئك الذين سجدوا لله شكراً عند تسجيل الهدف السعودي في المرمى التونسي ، وكذلك أعجبت بما سمعت من مواظبتهم على الصلاة ..
هذا الأداء يجعلني أتساءل عن أسباب ضعفنا الكروي في العالم ، حيث لا شكّ عندي أن الواجب هو أن يكون المسلم قوياً في كل مجال كالاقتصاد والعسكرية وكرة القدم ، وكان الضعف في الأداء الرياضي يؤشر إلى وجود خلل ما .. إن خروج العرب ممثلين في السعودية وتونس مبكرين في الدوري التمهيدي لكأس العالم ، هو دليل على الضعف العام ، ومن ضمن هذا الضعف ما رأيناه في الأداء الرياضي ، فهناك ضعف آخر في الاقتصاد والفكر والعلم والإنتاج ا.هـ
متى عهدتم أيها الناس دعاتكم وأهل العلم متابعين للمباريات الكروية ومحللين لها .
أرأيت فتنة الجماهير ما تفعل بأصحابها !
كم تسخط عائض القرني بكثرة الأعمال الدعوية وازدحامها ، واعتذر عن كثير منها بحجة الانشغال وضيق الوقت !!.
أيا ترى هل الانشغال بمتابعة هذه المباريات وتحليلها سبب من أسباب الاعتذار عن بعض الأنشطة الدعوية !!!
المثال السادس/ من فضائح العصر وبدعه المضحكة المبكية بدعة اعتزال الدعوة :
إن الداعية إلى الله قد يكسل ويفتر ، فينطوي على نفسه عن دعوة الناس بعد أن كان ذا دعوة ونشاط، لكن أن يشابه الداعية الممثلين واللاعبين، فإذا أراد ترك الدعوة أشاع ذلك بين الناس باسم الاعتزال ، هذا لم يعرف إلا من عائض القرني، وهو لا يتصور إلا من أهل الشهرة متتبعي الجماهير والمريدين لفت انتباه الناس وأنظارهم ، ثم يزيد الأمر بأن يتمنع عن الرجوع إلى الدعوة حتى يتشفع فيه الشفعاء من ذوي الوجاهة فيظهر منزلته عند الناس وهكذا …
وهذا الاعتزال المضحك المبكي وإن تأثر به طائفة من الناس إلا أن هناك أناساً عقلاء يستبشعون هذا الفعل ويستغربونه .
ومن لطيف ما جرى أن هيفاء منصور التي ورطت عائضاً القرني في الفلم المعروف استنكرت هذا الاعتزال من عائض القرني ، وكان مما قالت: إنني أعرف اعتزالاً من اللاعبين والفنانين ، وأول مرة أسمع اعتزالاً من الدعوة إلى الله .
سبحان الله حتى هذه المرأة مجّت هذا الفعل منه .
المثال السابع/ من أواخر الفعال غير المدروسة والذي أزّ عائضاً القرني إليها حبُ الشهرة والجمهرة ، ما طالعنا به من تعاقده مع محمد عبده ليغني -وبدون موسيقى- قصيدة لعائض القرني !
فأشاد عائض القرني بهذا الفعل حتى رجا أن يسقي الله المغني محمد عبده على أغنيته وإنشاده لقصيدته من حوض النبي r .
إن قلوب القوم لما أشربت حب الشهرة والجمهرة استبدلوا مشيهم في ميدان الشهرة بالهرولة والسعي الشديد حتى بلغ بهم الحال ما ترى .
أين الإنكار على محمد عبده أغانيه بالموسيقى والتي هي محرمة بالإجماع ؟!
أليس هذا إقراراً لفعاله الغنائية، وتمييعاً لهذا المحرم الذي هو مزمار من مزامير الشيطان والمنبت للنفاق في قلوب بني الإنسان ؟!!
يا قومنا إننا غداً سنرى أشرطة محمد عبده في التسجيلات المسماة إسلامية، وفي تسجيلات الأغاني الموسيقية مع أشرطة العلماء كالشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز والشيخ العلامة محمد بن عثيمين -رحمهما الله- !!
يا قومنا لا أستبعد أن نرى أقواماً رجعوا إلى أشرطة محمد عبده الغنائية بعد التوبة منها !!!
يا قومنا أيرضيكم هذا التمييع للمحرمات المجمع عليها !!!!؟
يا قومنا أما تقومون لله قومة صدق فتحذرون الناس من عائض القرني حماية للمجتمع من ضلالاته ؟
ومن أسوأ ما رأيت أنه لما اشتد النكير على عائض القرني في فعلته هذه بررّ لنفسه أنه وضع استفتاء، ووجد المؤيدين لهذا الفعل أكثر من المعارضين ، وكأن دين الله خاضع لتصويتات الناس ورغباتهم .
يا مسكين لو وضعت استفتاء في السماح بقضاء وطر شهوة الجنسين بعد رضاهما، لكان المؤيدون أكثر لأنه الموافق لشهوات أكثر الناس .
أما علمت يا دكتور أن الله يقول(فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) وقوله (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وقوله (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
فاتقوا الله يا أهل العقول لعلكم تفلحون في الدنيا والدين .
إن من الأخطاء الشنيعة في تربية الحزبية المقيتة أنهم يربون أبناءهم ومريديهم على حب القيادة والرئاسة فيعقدون دورات في القيادة بعنوان ( كيف تكون قيادياً ) وهكذا ..
وهذا خلاف ما يريده الله من عباده فقد ذم القيادة والرئاسة لأنها من العلو في الأرض قال تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) وصح عند الترمذي عن كعب بن مالك أن رسول الله rقال:” ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه “
وقال الإمام سفيان الثوري: آخر ما يخرم من قلوب الصالحين حب الرئاسة .
فالواجب أن يربى الناس على ما يريده الله ورسوله r لا على ما يريده الحزب ، ثم لهذا آثار سيئة ، فترى مريدهم اليوم شيخاً صاحب علم، وفي المستقبل يزاحم غيره على هذه المناصب ، ومعلوم كم لها من ضريبة على الدين إلا من رحم الله .
فكم يحصل على إثرها من تنافس وتناصح ، لذا قل أن ترى في هؤلاء الحزبيين من يستمر على العلم، وإن كانت له بداية قوية، لأنه إذا كبر رأى رؤساءه وأترابه تزاحموا على هذه المناصب، وهو قد ربي عليها فيزاحمهم فيزهدون في العلم . وانظر مقالاً كتبته بعنوان ( الدعوة إلى الله لا إلى النفس )
وبهذا أنهي المقالات عن عائض القرني وإن كانت أخطاؤه المضلة وطوامه المهلكة كثيرة لكن بالإشارة يكتفى عن كثير من العبارة .
أسأل الله أن يهدينا سواء السبيل وأن يجعلنا دعاة هدى غير ضالين ولا مضلين