تعقيب على عبد العزيز الطريفي
في فتواه الحماسية في سرقة الأموال اليهودية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته … أما بعد:
فقد ضجت بعض وسائل الإعلام – وكثير منها لها مقاصدها الإفسادية – بكلمة وتغريدات ذكرها الداعية في وزارة الشئون الإسلامية: عبد العزيز الطريفي في حسابه بتويتر، ومؤداها جواز سرقة أموال اليهود في دولتهم.
قال في إحدى تغريداته: تنويه: نقلت صحف كالوئام وإيلاف وغيرها عني نصاً : ( لا عصمة إلا لبنوك المسلمين ) وهذا كذب . وكل دولة معاهدة على أي دين معصومة ، والفتوى عن إسرائيل .ا.هـ
ثم عاد، وأكدها مع نفي أنه يبيح كل بنوك الكفار، وإنما بنوك إسرائيل .
وكذلك في لقاء معه بقناة الرسالة:
http://www.youtube.com/watch?v=FS1LZ43fR7U&noredirect=1
ولما رأيت هذه التغريدات ( الفتاوى ) بريئة من الإسلام، والإسلام بريء منها، رأيت من الواجب بيان وجه خطأ نسبتها للإسلام ولو باختصار؛ لتبرئة الإسلام مما ليس منه ، ولسد أبواب الفساد التي يريد الدخول منها المنافقون، والذين في قلوبهم مرض، والجاهلون الذي ينعقون بكل ما يسمعون ، مع التأكيد على وجوب عداء الكافرين كلهم من اليهود والنصارى وغيرهم عداء دينياً لا دنيوياً فحسب، كما يقرر العداء الدنيوي فحسب الغالطون من الإخوان المسلمين كحسن البنا، ومحمد الغزالي، ويوسف القرضاوي، وسلمان العودة. ويزداد العداء لليهود إخوان القردة والخنازير لاحتلال أرض فلسطين والقدس – عجل الله بقوته كسرهم وهزيمتهم ورد القدس وأراضي فلسطين إلى المسلمين – .
وإليك الأوجه في رد هذه الفتوى الباطلة:
الوجه الأول/ أن ابتداء الحرب مع اليهود يرجع إلى ولي الأمر لا عامة الناس؛ لأن الجهاد معلق بإذنه، وذكرت أقوال علماء الإسلام، والأدلة في كتابي: تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد.
ثم لو نازع رجل في إيجاب إذنه عند الابتداء فيما لم ينه عنه، فلا يصح له أن ينازع في حرمة جهاد نهى عنه ولي الأمر؛ لأن طاعة ولاة الأمور واجبة، كما أجمع على ذلك أهل السنة وتواترت الأدلة على ذلك .
أما التفريق في طاعة ولي الأمر بين العوام والعلماء، فبدعة شنيعة مصادمة للأدلة الشرعية لم أر من أحدثها إلا الداعية في الوزارة عبد العزيز الطريفي – رده الله إلى رشده- ( كما في مقال العلماء وقصور الرسالة – الحلقة الأولى ) . وهي شبيهة من وجه ببدعة المتصوفة بالتفريق بين العامة ومشايخ الطرقية من سقوط التكاليف الشرعية عليهم دون العامة.
الوجه الثاني/ أن ابتداء الحرب معهم ليس من المصلحة، بل مفسدته أكبر وأكبر؛ لأن أكثر أموال المسلمين تحت سيطرة الكافرين من اليهود وأنصارهم الأمريكان والأوربيين، فقد يعيدون الكرة علينا بالمثل وأشد، فكثير من السعوديين والمسلمين بأراضيهم، بل قد يتآمرون فيخترقون البنوك التي ببلادنا فيعبثون بأموال المسلمين، فتحصل مفاسد عظيمة جداً.
الوجه الثالث/ أنه لو سلم أن أخذ أمولهم غنائم، فإنه لا يجوز التصرف في الغنائم بدون إذن الإمام وقسمته، وإلا لصارت من الغلول لقصة صاحب الشملة الذي يعذب في قبره بها، وهي مخرجة في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وإثم الغلول عظيم قال تعالى (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
قال ابن حجر فتح الباري (6 / 219( : وأن من أخذ من الغنائم شيئا بغير قسم الإمام كان عاصيا ا.هـ
الوجه الرابع/ أن الأموال الموجودة في بنوك دولة اليهود قد تكون مختلطة بأموال معاهدين يعملون عندهم، بل بأموال لبعض المسلمين الفلسطينيين الساكنين بينهم، فسرقة أموالهم سرقة محرمة؛ لأنها قد تكون من الأموال المحرمة، وما كان كذلك فيحرم شرعاً .
الوجه الخامس / إطلاق الفتوى للمسلمين كلهم هكذا مع الاصرار عليها ما لا يصح بحال؛ لأن بين بعض المسلمين واليهود عهداً، كبعض الدول الاسلامية وبعض الفلسطينيين، كما لا يخفى. فكيف تطلق الفتوى ولا يستثنى هؤلاء . وإن مما يعلم شرعاً أنه إذا كانت دولة كافرة حربية مع دولة مسلمة، فلا يلزم أن تكون مع بقية دول المسلمين كذلك، كما قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) وقد نقلت أقوال أهل العلم في كتابي: مهمات في الجهاد
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=996
وقدم لي شيخنا العلامة صالح الفوزان – حفظه الله ورعاه-
وهذه الفتوى الحماسية تذكرني بفتوى قديمة أيام أحداث غزة للحركي عوض القرني – هداه الله – لما دعا إلى قتل اليهود في أي مكان يظفر بهم، وهذه الفتاوى لا ينبغي الالتفات إليها ولا يغتر أهل الإسلام بها؛ لأنها ليست محسوبة على الإسلام، لأنها ما بين فتاوى حماسية أو حزبية لا شرعية مبنية على الوحي .
وإن لعبد العزيز الطريفي كلمات ومقالات وتقريرات وتغريدات تدل على اندفاعة وحماسة غير منضبطة بالشرع، وقد جمع أحد إخواننا الأفاضل شيئاً من ذلك، ولعله ينشر قريباً – إن شاء الله – حماية للشريعة من تبديلاته، ورحمة بالعباد لئلا يتبعوه على الباطل، ورحمة به ألا تكثر أوزاره وأتباعه على الباطل، أخرج العقيلي (1/232) عن أبِي صالِح الفراء, قال: حكيتُ ليوسف بن أسباط عن وكيعٍ شيئًا من أمر الفتن. فقال: ذلك أُستاذه – يعنِي: الْحَسن بن صالِح -. فقلتُ ليوسف : أما تَخاف أن تكون هذه غيبةً؟ فقال لِي : لِمَ يا أحْمَق, أنا خيرٌ لِهؤلاء من آبائهم وأمهاتِهم, أنا أنْهَى الناس أن يعملوا بِما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم, ومن أطراهم كان أضرَّ عليهم “.
أسأل الله أن يحيينا جميعاً على التوحيد والسنة ويميتنا على ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.عبد العزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
http://islamancient.com
11 / 3 / 1433 هـ