خطبة مجموعة عن عيد النصارى(الكريسمس)
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ}{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} الخلق خلقه، والأمر أمره،{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه من خلقه ، وأمينه على وحيه القائل( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله ) صلى الله عليه وعلى آله وأًصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}
عباد الله: لقد خلق الله الخلق فجعل منهم المؤمن والكافر{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} والأيمان لا يكون إلى لمن دخل في دين الإسلام { مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) } ومن الإيمان الأيمان بالرسل جملة وتفصيلا، ومن رسل الله عز وجل عيسى عليه السلام{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} قال صلى الله عليه وسلم(مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ، وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ)
عباد الله: لقد ضل النصارى وغلو في عيسى عليه السلام وأطروه حتى أدعوا أنه ولد الله- تعالى الله عما يقولون- وهم بهذا القول كفار لا تجوز محبتهم ولا موالاتهم، فقد نهاهم الله عن ذلك القول الكفري ولم يستجيبوا{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) } وقال تعالى{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}وقال تعالى{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
ومن ضلالات النصارى الاحتفال بميلاد عيسى عليه السلام وهو ما يسمى بعيد رأس السنة أو عيد الكريسمس، يفترون على الله الكذب بأن عيسى ابن الله ويتخذونه إلهاً مع الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وإن من المنكرات العظام مشاركة بعض المسلمين للنصارى في أعيادهم وتهنئتهم بها، فيا سبحان الله كيف يرضى مسلم موحد بمشاركتهم او تهنئتهم بعيدٍ قائمٍ على الشرك الأكبر بالله وعلى نسبة الولد له-سبحانه وتعالى عما يقولون، لقد افترى النصارى على الله فِرية تكاد تتفطر السماء وتنشق الأرض وتنهد الجبال من عظم إثمها وشدة قبحها قال تعالى{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)} كيف لمسلم عاقل يقرأ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) } أن يشاركهم أو يهنئهم، هل يستويان مثلا، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
كيف نهنئهم بعيدهم المحدث ونحن نسأل الله في كل صلاة أن يجنبنا طريقهم(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فالضالون هم النصارى وكل من عبدالله على جهل.
أيها المسلم: كيف تحضر أو تهنئهم بعيدهم الكفري ومن صفات صفات عباد الرحمن التي ذكرت في سورة الفرقان، أنهم { لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } قال غير واحد من التابعين أن المراد: أعياد المشركين، قال شيخ ابن تيمية(وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عملُ الزور لا مجرد شهوده).ا.هـ
أيها الموحد: إن تهنئة النصارى بهذا العيد منكر عظيم محرمة بالاتفاق ، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق؛ مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج المحرم ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه”. اهـ.
وليحذر المسلم من متابعة احتفالاتهم وطقوسهم عبر القنوات الفضائية وغيرها لأنها داخلة في معنى شهودها وعباد الرحمن لا يشهدون قول الزور، وفي مشاهداتها مشاهدة لما فيها من المحرمات.
وليكن المسلم في غاية الحيطة والحذر ولا يبرر لنفسه أو لأهله وأولاده المشاركة أو التهنئة بهذا العيد الكفري، كقول بعضهم فقط أشارك لأفرح الأولاد الصغار قال الحافظ الذهبي(في رسالته تشبه الخسيس بأهل الخميس) (( فإن قال قائل: إنما نفعل ذلك لأجل الأولاد الصغار والنساء؟ فيقال له: أسوأ الناس حالاً من أرضى أهله وأولاده بما يسخط الله عليه، فينبغي للمسلم أن يسد هذا الباب أصلاً ورأساً، وينفّر أهله وأولاده من فعل الشئ من ذلك، فإن الخير عادة، وتجنب البدع عبادة، ولا يقول جاهل: أفرَّح أطفالي! أفما وجدت يا مسلم ما تفرحهم به إلا بما يسخط الرحمن، ويرضي الشيطان، وهو شعار الكفر والطغيان؟! فبئس المربي أنت..)) أ.هـ كلامه.
وهنا مختصر من إجابات العلامة ابن عثيمين( (ولا يقول قائل نهنئهم بعيدهم لإنهم يهنئوننا بعيدنا، نقول لا، لإن أعيادنا شرعية وأعيادهم اعياد بدعية، ولا نرد عليهم لو هنؤونا بعيدهم لإن الرد عليهم من الموافقة والرضا بما هم عليه) انتهى ملخص اجاباته رحمه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) }.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام، وأرسل إلينا خير الأنام،، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، عبد لا يعبد ورسول لا يكذب، صلى الله عليه وعلى آله وأًصحابه وسلم تسليما كثيرا:
عباد الله: إن الولاء والبراء من عقيدة أهل السنة والجماعة هم وسط فيها بين المتساهلين والمتشددين، فلنحذر من المتساهلين الذين ضعفت عقيدة الولاء والبراء في قلوبهم فأجازوا التهنئة بعيد الكريسمس مخالفين لاتفاق أهل السنة الذي نقله ابن القيم، وأيضا لنحذر من الذين خالفوا أهل السنة وتشددوا في عقيدة الولاء والبراء فأعتدوا وظلموا وقتلوا وفجروا غير مراعين للعهود والمواثيق يفسرون النصوص الشرعية وفق أهوائهم.
عباد الله: ننبه أنه يوجد فرق بين التهنئة بعيد السنة عند النصارى وتعزية الكفار، فالتهنئة بعيدهم محرمة باتفاق العلماء لانها مبنية على عقيدة كفرية، والتعزية محل خلاف بين العلماء لإنها لا تقوم على مناسبة دينية، وهي جائزةإن كان في ذلك مصلحة كرجاء إسلامهم، وكف شرهم الذي لا يمكن إلا بتعزيتهم فهو جائز دون ترحم على ميتهم الذي هو محرم بالاجماع.
عباد الله: صلوا و وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله فإن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشر، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمةَ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارض عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين. اللهم أَبْرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُرشد فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر؛ إنك على كل شيء قدير .
اللهم أعز السلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين، اللهم دمِّر أعداء الدين اللهم أكفناهم بما تشاء ياقوي ياعزيز، اللهم وفق ولي أمورنا لكل خير، اللهم أصلح بطانة يارب العالمين؛ إنك على كل شيء قدير، اللهم من أرادنا وأراد بلادنا وبلاد المسلمين بشر وفتنة فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره وسلط عليه ياقوي ياعزي، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ .ربنا اغفر لابائنا ولأمهاتنا ولذرياتنا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾
عباد الله، اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدْكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾