بسم الله الرحمن الرحيم
( خلية الاستراحة : وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,, أما بعد :
فقد تمت قبل أيام محاكمة خلية جدة , وقد صدر الحكم من المحكمة القضائية بعد دراسة التهم الموجهة للمتهمين , وتراوحت الأحكام بين خمس إلى ثلاثين سنة بالسجن والمنع من السفر .
واعترض بعض الناس على هذه الأحكام وناشد بعضهم خادم الحرمين الشريفين أن يعفو عن هؤلاء المتهمين , بل بعضهم أخذ يستعطف الناس بأن هؤلاء لهم أقارب وأبناء ينتظرونهم!!! ويلقون اللوم على القضاة أو على أجهزة الأمن ,, ويتناسون أن الذي كان سبب هذا الأمر هو الشخص نفسه , فهو الذي يستحق اللوم , لماذا ترك والديه وأبناءه وذهب يجمع الأموال ويرسلها إلى جهات مشبوهة؟؟ لماذا حرض على ولاة الأمر؟؟ لماذا لم يرع شؤون بيته ويترك عنه ما يسبب الفوضى في المجتمع؟؟ فهم كما قال الحق جل وعلا ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) , فالدولة لم تظلمهم ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم , بل الدولة كانت معهم رحيمة رفيقة ولكن هم الذين جَنوا على أنفسهم , وأعرف من هؤلاء من نوصح وصبرت عليه الأجهزة الأمنية سنوات ولكن دون جدوى , وإني لأستغرب موقف بعض المثقفين من هذه القضية فهو موقف المتحامل على وطنه – الذي لم يدخر وسعا في نفع هؤلاء وغيرهم -, وسأتناول في هذا المقال المختصر الكلام على هذه القضية , وجميع ما سأذكره موثق عندي , فمن أراده فليراسلني على صفحتي بتويتر ويصله الرد .
وأريد أن ألفت نظر القارئ إلى عدة أمور حول هذه القضية وهي :
1)أن بعض المثقفين وأنصاف المثقفين الذين تكلموا في هذه القضية يسمون هؤلاء المجرمين ( سجناء رأي ) , ويلبسون على الناس بأنه ليس عندهم إلا رأي فكيف يحكم عليهم بهذه السنين الطوال , وهذا الكلام للأسف يردده بعضهم وهو كذب وجهل وأبين ذلك من عدة وجوه :
الأول : أن كثيرا من المثقفين الذين لهم آراء مخالفة لم يسجنوا بل يتمتعون بكامل حقوقهم, فلماذا اختارت الدولة هؤلاء بالذات ؟؟ هل هو تحكم وتعنت وظلم خاص بهؤلاء؟؟ ولماذا ظلمت هؤلاء بالذات؟؟
الثاني : أن الرأي رأيان : رأي قاصر على الشخص نفسه , وهذا لم أر يوما أن الدولة آخذت به . ورأي ينتج عنه أعمال , فالعمل أول ما يبدأ يكون فكرة ورأيا ثم يصبح عملا , فمن يؤدي رأيه إلى أعمال مشينة وتكفير وتفجير لا بد من معاقبته حتى لا تعم الفوضى في المجتمع , وهذا ما تفعله جميع الدول المتقدمة .
الثالث : أن هؤلاء ليست قضاياهم قضايا رأي , وإنما ثبتت عليهم بعض الأعمال الإجرامية , فهم عملوا وغرروا ولم يكن الأمر رأيا فقط كما يدعون .
2)أن كثيرا ممن يدافعون عن هؤلاء رفعوا أصواتهم قبل أشهر مطالبين ولاة الأمر بمحاكمة المعتقلين , وكانوا يعترضون على إبقائهم دون محاكمة , وكنت أقول في صفحتي بتويتر أن هؤلاء كذبة لا يريدون المحاكمة وإنما يريدون إخراجهم حتى ولو ثبتت عليهم التهم , وجاء اليوم لتتبين حقيقة دعواهم , فقد حوكم هؤلاء محاكمة شرعية , ولكنهم لم يرضوا !!! .
3)أن بعض هؤلاء يسمون أنفسهم (إصلاحيين) وهم كما قال الله تعالى ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) , فلا ترى في أعمالهم أي أمر يمت إلى الإصلاح بجهة , فهل جمع أموال المحسنين وإرسالها إلى جهات مشبوهة إصلاح ؟؟ هل محاولة هدم الدولة التي قامت على الكتاب والسنة إصلاح؟؟ هل سب ولاة الأمر وشتمهم إصلاح؟؟؟ ويبدو أن هذا المسمى جاء من رفيقهم السفيه الذي وضع نفسه رئيس حركة الإصلاح , ولم يلمس المسلمون منه لا صلاحا ولا إصلاحا .
4)أن الاتهامات التي ثبتت عند المحكمة الشرعية اتهامات خطيرة للغاية , وملخصها أن بعض هؤلاء كان مؤيدا لما يحدث في بلاد الحرمين من تفجير وتكفير , بل كان على علم بتهريب الأسلحة التي هُربت إلى المملكة , ويعادي ولاة أمر هذه البلاد بالتكفير والخروج عن طاعتهم . وهذا باختصار هو منهج الخوارج الذين قال فيهم المصطفى r : ( لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ) ثبت ذلك في أكثر من حديث عنه r . فالقضاة يبدو أنهم عدلوا عن هذا الحكم وخففوا عليهم لأمر رأوه ونظرة ظهرت لهم لذا نرضى بحكهم لاسيما وهم المسؤولون أمام الله -عزوجل- .
فهل يرضى من دافع عن هؤلاء وناشد لإطلاق سراحهم التفجير والتدمير , وخلع البيعة , وتهريب الأسلحة وترويع الآمنين ؟؟؟؟ إذا كانت الإجابة لا , فلم الدفاع عنهم ؟؟؟ .
5)في المثل المشهور ( من أمن العقوبة أساء الأدب ) , فهؤلاء المجرمون لو عفي عنهم فسيكون هذا تقوية لأمثالهم ممن يحملون مثل هذه الأفكار الضالة , وسيعود هذا بدمار أمن المجتمع السعودي , ولن ينفع وقتها ( ياليت ) , بل الواجب في هذه الحال شكر ولاة الأمر على معاقبة المسيء والأخذ على يده حتى يكون عبرة لغيره .
6)أن غالب من طعن في هذه الأحكام يشكك في نزاهة القضاء السعودي , فيقال له عقلا : كم من الأسلحة قبضها أسود الأمن البواسل ( بفضل الله ) ؟؟ آلاف الأسلحة هُربت وقُبض عليها , من الذي أدخلها ؟؟ أهم الجن مثلا ؟؟ ومن الذي سعى في التخطيط لذلك؟؟ ومن الذي ساعد الشباب وأقنعهم بمثل هذه الأفكار ؟؟ وهل مثل هؤلاء يُطلب العفو لهم؟؟!!
7)أن غالب من يتكلم في هذا الأحكام هو في الحقيقة يطعن في الدولة وحكامها, ولا ينظرون إلى مصلحة الوطن والمجتمع, ويريدون أن تكون الأمور فوضى , وإلا بماذا نفسر بكاء بعضهم على مثل هذه الأحكام , وتجاهلهم رجال الأمن البواسل الذين قُتلوا من الرافضة في القطيف, أو من الذين ذهبوا ضحايا للإرهاب, هل هؤلاء لا يستحقون أن يُدافع عنهم , وأولئك وجب على الجميع التباكي من أجلهم؟؟ من الأولى أن يوصف بالإصلاح أليسو هم رجال الأمن البواسل الذين سهروا لحماية المجتمع؟؟ .
فبعض هؤلاء يبدو أن عداءه للدولة والوطن بأسره , ويريدون استغلال مثل هذه الفرص لبث روح التفرقة في أوساط المجتمع , وإثارة القلاقل والمحن فيها . لذا تجد في عباراتهم وصف الوطن بأبشع الأوصاف وسأضرب لك أمثلة لذلك :
أ)وصف وليد أبوالخير الشعب السعودي بأنهم ( خرفان ) , فبالله هل ينطق بهذا الوصف من يريد مصلحة المجتمع كما يدعيه وليد الواصف لنفسه أنه ( ناشط وحقوقي)؟ .
ب)وصف عاصم الغامدي (صحفي في سبق الالكترونية) رجال الأمن بأنهم (أشد من الكلاب ) , فبالله عليك هل يخرج هذا من عاقل فضلا عن إعلامي؟؟ وهل مثل هذا يغار على الوطن ومقدراته؟؟ .
ج)وصف المحامي باسم عالم الإعلام السعودي عامة بأنه ( خبث وخبائث), فهل يقول ذلك محب لوطنه؟؟ ولا تنس أن الإعلام السعودي يُعنى بقرارات مجلس الوزراء وغيره من الجهات العليا , وينشر مسابقات القرآن الكريم العالمية ويغطيها, وهذه كلها داخلة عند المحامي في الخبث والخبائث!!! .
د)وصفت مريم بنت سعود الهاشمي رجال الأمن بأنهم ( كلاب) , ويبدو أن هذه البغض للدولة رباها عليه أبوها – عفا الله عنهم أجمعين – , فهل بمثل هذا تريد العفو عن أبيها !! .
هـ) دعا نواف القديمي على رجال الأمن السعودي وسأل الله أن يقطع أيديهم, فبالله عليك هل يفعل هذا من يغار على وطنه؟؟ أو يريد مصلحته ؟؟ وللأسف أنه ألقى محاضرة في جامعة الملك سعود قبل شهر تقريبا , فلا أدري هل علمهم فيها بغض وطنهم؟؟ .
8)ترى كثيرا من هؤلاء يتحامل على الأخطاء التي تكون بعض الجهات الحكومية طرفا فيها , بينما إذا كان الكلام يصب في مصلحة جهة حكومية فلا ينطقون بكلمة, فمثلا تراهم في حريق مدرسة جدة وحادثة حائل نادوا بأعلى أصواتهم مطالبين بمحاسبة المقصرين من المسؤولين في ذلك, ولكن في المقابل لا تجد لهم كلمة واحدة عن موظف ساهر الذي قُتل, ولا قتل رجل الهيئة , ولا المطالبة بمحاسبة من كان سببا في دخول الأسلحة وتهريبها…..
فلم التعامل مع القضايا بوجهين ؟ ولكن كما ذكرت سابقا ليست مهمة بعضهم الإصلاح, إذ لو كان كذلك لرأيت جهده في هذه القضية كجهده في تلك .
ويبدو أن بعض هؤلاء لا يقرون بالبيعة التي عليهم للملك وولي عهده , فلا ترى لكثير منهم كلمة واحدة عندما عُيّن الأمير نايف وليا للعهد , مع أن الشعب السعودي ذهب للمبايعة , وضجت الشبكات الاحتماعية في ذلك اليوم , وهؤلاء يتكلمون في كل شيء إلا هذا. وقد رأيت مقالا لفضيلة الشيخ حمد العتيق طلب فيه من بعض هؤلاء ( د.سلمان العودة, ووليد أبو الخير , وعصام الزامل ) أن يبينوا موقفهم من الدولة , وهل يعترفون بشرعيتها أم لا ؟ ولكن لم يجب أحد منهم رغم قراءتهم للمقال , مما يؤكد أن القوم لا يقرون ببيعة الملك وولي عهده عليهم , ولذا يحاولون إثارة الفتن في المجتمع باستغلال القضايا الاجتماعية والأخطاء الفردية . وأتمنى أن يكون ظني في غير محله .
9) استغربت كثيرا عندما رأيت بعض الدعاة شارك في مثل هذه الأمور وخالف نهج علماء هذه البلاد ودعاتها – الذين أوكلوا الأمر إلى ذويه – , وازداد عجبي عندما أرادوا إقحام مسألة نسب النبي r في المسألة , فرأيت مثلا الشيخ محمد العريفي يطالب بهذا ويقول خصوصا وأن أحدهم من نسب النبي r , فهل يا شيخ محمد يحل لرجل من آل البيت أن يرتكب الجرائم هو وأصحابه , ثم لا يعاقبون؟! , هل نسيت ياشيخ محمد قول النبي r ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) ؟! , وهذا في الحدود الشرعية , ومثله يقال في الأمور العامة التي تخل بأمن المجتمع والوطن .
10)كلنا ننادي بالإصلاح ونطالب به , ولكن لا نتاجر بقضايا المجتمع باسم الإصلاح فبعض هؤلاء يستغل الشباب ويغرر بهم من جهة بيان أنهم مطالبون للإصلاح , وكأنه لا يريد الإصلاح إلا هم , فالمجتمع السعودي في نظرهم لا يريد الإصلاح , وهو فقط الذين تفردوا بهذا الأمر , وهم في الحقيقة يسعون إلى الهدم لا الإصلاح والبناء .
وأخيرا أوجه نصيحة إلى كل سعودي غيور على وطنه أن لا يدافع عن المجرمين فالله عزوجل نهانا عن ذلك كما قال سبحانه ( ولا تكن للخائنين خصيما ) .
وأذكر الجميع بأن هذه الدولة قامت بقوة الله وفضله رغم قلة العدة والعتاد , وستبقى -بفضل الله- ولن يهزها مكر أعدائها مادامت قائمة على الكتاب والسنة . فمن أراد الخير لنفسه فليلزم جماعة المسلمين وإمامهم , وليبادر إلى الإصلاح من طرقه وأبوابه .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى , وحفظ الله وطننا وولاة أمرنا وعلماءنا من كل سوء ومكروه , ورد كيد أعدائنا في نحورهم . وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه
عبدالله بن محمد المدني
a_a_madani@