ردا على حمد الماجد ومقالته عن السلفيين والاخوان
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في الرسالة رقم 953 مقال للكاتب حمد الماجد وهذا المقال أحد الأمثلة على الخلط في فهم حقيقة أصحاب الطريقة الشرعية لفهم نصوص الوحيين وتطبيق مقتضياتها في باب العقيدة والفقه والسلوك, والتي تسمى بالمنهج السلفي أو السلفية أو منهج السلف أصحاب الحديث والأثر.
فالسلفية طريق واحد له معالم واضحة بل شديدة الوضوح لا تلتبس على طويلب علم أو مثقف نابه, ولكن الذي يلتبس على بعض الكتّاب, هو الانتساب للسلفية ممن لا يلتزم بمنهجها الشديد الوضوح والشديد الثبات, والعبرة عند أهل البصائر بالمعاني لا بالمباني .
وهذا الإشكال ليس بجديد : فقد سبق أن حصل مع الأشاعرة أصحاب أبي الحسن الأشعري, فقد كانوا يردون على المعتزلة الذين فارقوا منهج أهل السنة في الاستدلال والاعتقاد, ولكن الأشاعرة عند ردهم لبدعة المعتزلة خلطوا بين أصول السنة وبعض الأصول المبتدعة, فلم يكونوا من أهل السنة المحضة, وإن نصروا شيء من أصول أهل السنة, ولأجل النظام السياسي آنذاك انتشر مذهب الأشاعرة على أساس أنه مذهب أهل السنة مع العلم بأنهم يقرون بأن منهج أهل السنة الأصلي (أتباع السلف أصحاب الحديث) هو الأسلم, ولكن الأشاعرة زعموا بأن مسلكهم الذي خالفوا فيه السلف (أعلم وأحكم) !!
وهكذا هم حركيو عصرنا ؟!
فقد انتسبوا للسلفية مع مخالفتهم لبعض أصولها الشديدة الوضوح, وما مخالفتهم لكبار العلماء في هذا العصر عنا ببعيد, مع قولهم بلسان الحال بأن مسلكهم هو الأعلم والأحكم وإن كان مسلك كبار العلماء هو الأسلم زعموا !!!
فالتاريخ يعيد نفسه والبدعة هي البدعة فالأشاعرة أقروا للمعتزلة ببعض أصولهم الاستدلالية كظنية أخبار الآحاد بل وظنية الأدلة النقلية عمومًا وتقديم الأدلة العقلية من حيث القطعية عليها.ثم تخبطوا في الرد فردوا الباطل بباطل مثله ومن جهة أخرى وافقوا المبتدعة في نبذهم لأهل الحديث أتباع السلف وسموهم حشوية مجسمة
وأما الحركيون المقتدون بالمودودي وسيد قطب فقد أقروا للإخوان المسلمين بتفسيرهم السياسي للإسلام وجعلهم ذلك هو أصل الدين وأهم ما يدعى له منه وغلو في باب الحاكمية حتى هونوا كثيرًا من أصول الدين وفروعه في سبيل إقامة الحاكمية لله – بحسب فهمهم لها – وتبعهم على ذلك المقتدون بمحمد سرور زين العابدين وأصبحوا يظهرون أصول السنة واعتقاد السلف حتى إذا تعارض ذلك مع التفسير السياسي للإسلام ميعوا الدعوة وتغاضوا عن المبتدعة بزعم إقامة الحاكمية لله ولو كان عن طريق الدخول في الحكم بالطاغوت الذي كفّروا به القاصي والداني من مخالفيهم وسموا مخالفيهم جامية ثم تأولوا لأنفسهم بزعم الفرق بين مقام الإنشاء وبين المشاركة للمصلحة الراجحة, ولا مصلحة عندهم إلا المصلحة على وفق الفكر الحركي !!؟
ثم تسربلوا باسم السلفية بعد أن كانوا يسمونها تلفية .
وللجواب عن تسأل الكاتب حمد الماجد في قوله ((هل سيبذل السلفيون لإمام المسلمين الإخواني «صفقة اليد وثمرة الفؤاد»، ولن ينزعوا يدا من طاعته؟ وهل سيتمتع رئيس الجمهورية «الإخواني»، بهذه الخاصية السلفية؟ أم أن السلفيين سيكون لهم رأي آخر تبعا للتغييرات والمراجعات التي حدثت لعدد من أدبياتهم بعد اندلاع ثورات الربيع العربي؟)). انتهى كلام الماجد
فالجواب : أما أصحاب السلفية المحضة فهم يدورون مع النصوص حيث دارت , فهم إذا بايعوا الإخواني أو أي مبتدع تسلط على المسلمين فهم سيبايعون له امتثالًا للشرع مع القيام بواجب السمع والطاعة في المعروف, ولا يعني ذلك السكوت عن بدع الحزب الإخواني المغير لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم, فهذا ليس من المعروف في شيء.
ولنا في سلفنا الصالح أكبر العبرة فقد تسلط الخليفة المأمون على أهل السنة السلفيين ومن بعده المعتصم ثم الواثق فماذا كان موقف الإمام أحمد وغيره من أئمة أهل السنة ؟
فلم ينزعوا يدًا من طاعة ولم يفارقوا الجماعة وامتنعوا عن التدريس عندما منعوا منه, مع الثبات على الحق وإنكار الباطل والدعاء بالهداية والصلاح للمتسلط أو أن يأخذه الله تعالى فيريح البلاد والعباد من شره .
فالأقدار الكونية لا تسوّغ الخروج عن الإرادة الشرعية المطلوب من المؤمن الامتثال لها إلا على المنهج الميكافيلي الخبيث وأكثر من يقتدي به في هذا العصر هم أصحاب الجماعات الحركية للأسف ثم ينتسبون بعد ذلك للسلف والسلفية وهما براء من أولئك المنتسبين
والله المستعان .
وكتبه / علي بن عمر النهدي
3 محرم 1433 للهجرة