إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، {يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيد يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(.
أما بعد:
عبادَ الله: إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى القلم بما سيكون إلى قيام الساعة حادث ذلك لامحالة بعلم الله وقدرته يقينا لاريب فيه فقالY {ما فرطنا في الكتاب من شيء}.
ومما كتبه الله في اللوح المحفوظ مصير اليهود بني إسرائيل في الدنيا والآخرة، وذكر لنا ذلك في سورة الإسراء التي يسميها الصحابة سورة بني إسرائيل؛ لأن الله ذكر فيها تاريخهم ومصيرهم، فاليهود اليوم هم ومنظماتهم ودولهم ولوبياتهم لن يخرجوا عما كتبه الله وقصه علينا في القران – قيد أنملة – يقول اللهY(وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ” تواتر عند أهل الكتاب وعند علماء المسلمين أن خراب بيت المقدس مرتين الأولى كانت بعد سليمان u فجاء بختنصر وأهلكهم والثانية لما قتلوا يحيى بن زكريا u “.
فذكر الله أنه أزال ملكهم مرتين لما علوا وأفسدوا في الأرض مرة على يد بختنصر والثانية على يد ملك الرومان ثم لم تقم لهم قائمة ولا دولة فقالIبعد المرتين (عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا).
أي إن عدتم للعلو والفساد في الأرض مثل المرتين السابقتين سنعيد عليكم الهلاك والدمار كما فعلنا بكم حكمًا ملازمًا لكم لذلك لما جاء الرسولe المدينة عاهد يهود فلما غدروا وأفسدوا قتل، وسبى من غدر منهم، وصالح وهادن من لم يغدر منهم، فمات ودرعه مرهونة عند يهودي، وجاره يهودي.
فاليهود قامت لهم دولتان أبادهم الله بعلوهم وفسادهم قبل بعثة الرسول eثم بقي وعد الله وسنته التي لا تتخلف فيهم (إن عدتم عدنا) أي إن عدتم للفساد عدنا عليكم بالهلاك.
بل إن الله أقسم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه على إهلاكهم وجعل ذلك كتابا عليهم أبديا فقالY (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وقد أهلكهم الله لما أفسدوا في العصر الحديث فبعث عليهم الألمان فأبادوهم وذلك كتاب الله عليهم دائمًا أبدًا إلى قيام الساعة فدولة اليهود اليوم قد علت وأفسدت وأهلكت الحرث والنسل فاستحقت وعيد الله Y (إن عدتم عدنا) فسيعيد الله الهلاك عليهم كما أهلك دولتيهم السابقتين فستزول دولة يهود اليوم عاجلًا أم آجلًا فإن وعد الله لا يتخلف.
وأما الملحمة الكبرى التي تقع بين المسلمين واليهود في فلسطين حتى يتكلم الحجر والشجر فيقول يا مسلم هذا يهودي خلفي فاقتله فليست مع دولة يهود في فلسطين، بل بين جيش المهدي ومن معه من المسلمين راجعين من فتح القسطنطينية لمقابلة جيش الدجال ومعه سبعون ألف من اليهود يقدمون من أصفهان، ومعلوم أن المهدي لن يخرج للقسطنطينية إلا بعد أن يفتح الشام وهذه الملحمة من علامات الساعة الكبرى التي قُبيل يوم القيامة ولن تستمر هذه الدولة اليهودية إلى قيام الساعة بل ستزول عاجلًا أم آجلًا بوعد الله Y (إن عدتم عدنا) وقد عادوا ونحن ننتظر وعد الله فيهم إن الله على كل شيء قدير.
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
عباد الله المسلم الحق لا يشك في مصير اليهود فإن الله توعدهم بالعذاب والهلاك في الدنيا والآخرة بل إن الله أعلم إعلامًا صريحًا أنه ضرب عليهم الذل والهوان في الدنيا فقالY(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).
أي أن الله أخبر أنه جعل الذل والهوان أمرًا لازمًا لا يفارق اليهود أينما وجدوا وهذا إخبار من الله لا يتخلف فهم أذلاء محتقرون بحكم الله عليهم، وأما الذل الذي لحقنا -نحن المسلمين- فهو بسب تخلفنا عن ديننا مصدر عزنا وقوتنا لا بسبب قوة عدونا فهم أذل وأحقر يقول الرسولe «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها» قالوا أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة لكم وليقذفن في قلوبكم الوهن».
وقال مبينًا سبب هذا الذل في حديث ابن عمر قال رسول الله ﷺ: «سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم».
عباد الله لقد بين رسول الله ﷺ الداء والدواء فمهما ابتغينا النصر في خلاف سنته خذلنا الله، قال ﷺ: «سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم».
فالرجوع للدين بنشر التوحيد والسنة وترك الشرك والبدعة والتمسك بما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، فإذا كان الله أنزل المصيبة على المسلمين يوم أحد وكاد نبيهم أن يقتل بسبب معصية بعض الرماة لأمر رسول الله ﷺ! فكيف نُنصر اليوم وفينا من يشرك بالله الشرك الأكبر فيدعو عليًا والحسين والبدوي والتيجاني والجيلاني والعيدروس من دون الله؟
وكيف ننصر وفينا من يحارب سنة رسول الله ﷺ ويحرِّف دينه كالجماعات الحزبية الضالة (الإخوان والتبليغ)؟!
وإذا كان الرماة قدموا مصلحتهم فكاد نبيهم أن يُقتل فكيف بمن يُضحي بأرواح آلاف الأطفال والنساء والشيوخ من أجل مصلحة حزب أو حركة أو قوة إقليمية؟! بل ويسمي ذلك جهادًا زورًا وبهتانًا!!
عباد الله إن عدونا (يهود) أذلاء محتقرون بحكم الله عليهم لكننا مصدر قوتهم ببعدنا عن ديننا قال سبحانه: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم}.
والحل يا عباد الله كما قال نبينا ﷺ: «لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم».