صفات الخوارج
بسم الله الرحمن الرحيم
معاشر المؤمنين.. معاشر الموحدين..
لقد استبشر الجميع بما بثته وسائل الإعلام في الأسبوع الماضي من حملات أمنية مباركة على أوكار خوارج العصر، وهذا مما يؤكد حرص الجهات الأمنية في هذه البلاد المباركة على رصد مخططات الخوارج الإفسادية، فلله الحمد والمنة.
لكننا مع ذلك يسوؤنا ويسوء كل مسلم وكل ذي عقل سليم إصرار هؤلاء الخوارج على الإفساد في الأرض بغير حق باسم الدين، قال تعالى: {قُل هل نُنَبِّئُكم بالأخسرين أَعمالاً * الذين ضَلَّ سَعْيُهُم في الحياة الدنيا وهم يحسبونأنهم يحسنون صُنْعاً * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحَبِطَتْ أعمالهم فلا نُقيم لهم يوم القيامة وزناً}.
قال الحافظ ابن كثير: (قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والضحاك وغير واحد: هم الحرورية يعني الخوارج-، ومعنى هذه عن علي -رضي الله عنه-: أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية، كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم). انتهى كلامه -رحمه الله-.
وقال القرطبي: (ورُوي أن ابن الكواء -وكان خارجياً- سأل علياً بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن {الأخسرين أعمالاً}، فقال: أنت وأصحابك).
ولقد نص سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -أعزه الله- أن هذه الشرذمة الضالة من الخوارج، كما في بيانه المبارك الذي نشر عبر وسائل الإعلام.
فمَن هؤلاء الخوارج؟ وما صفاتهم؟ وما حكم الله ورسوله فيهم؟
فالخوارج:
هم من يكفرون المسلمين بالكبائر.
ثم يستبيحون دمائهم وأموالهم ونساءهم.
ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه زعموا.
وهم يردون السنة بظاهر القرآن.
وهم شر الخلق والخليقة.
وفتنتهم من أعظم الفتن؛ لأنهم يُلبسونها لباس الدين والجهاد وإنكار المنكر والغيرة على المحارم، فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، فيوردونهم المهالك.
فكم جروا على أمة الإسلام من المصائب والبلايا، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد، وروعوا العباد، وخالفوا عقيدة أهل السنة السلفيين، فاللهم اكفناهم بما تشاء، إنك أنت السميع العليم.
وأما صفات وعلاماتهم الخوارج:
أولاً: الجرأة على العلماء الربانيين، بل على رسول رب العالمين -صلى الله عليه وسلم-، كما قال ذلك الرجل: (يا محمد اعدل) ! وقال: (يا رسول الله؛ اتق الله) !
فعندهم جرأة على من خالفهم، ولو كان من أهل الفضل والعلم، بل ولو كان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده (4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان، قال: (كنا مع عبدالله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- يُقاتل الخوارج، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج، فناديناه: يا فيروز؛ هذا ابن أبي أوفى. قال الغلام الخارجي: نعم الرجل -يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه- لو هاجر! -يعني إلى الخوارج-. قال ابن أبي أوفى: ما يقول عدو الله؟ فقيل له: يقول نعم الرجل لو هاجر. فقال: هجرة بعد هجرتي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: طوبى لمن قتلهم وقتلوه). حديث حسن .
فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة، ويهاجر إليهم، وينضم إلى حزبهم ،ولو كان صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: ومن صفاتهم: صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن.
كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وقراءتكم مع قراءتهم وصيامكم مع صيامهم)، لكنهم والعياذ بالله (يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
فلا تغتروا بزهدهم المزعوم، وتشددهم في أمور، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة، وتمسكه بالمنهج السلفي؛ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخوارج مع شدة عبادتهم: (هم شر الخلق والخليقة). أخرجه مسلم (1067).
وفي صحيح مسلم أيضاً (1066): (أنهم من أبغض خلق الله إليه).
ثالثاً: ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل، فيظهرونالإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة -مع أنها محكّمة-؛ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة.
ففي صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الحرورية -يعني الخوارج- لما خرجت وهو مع علي ابنأبي طالب، قالوا: لا حكم إلا لله. قال علي -رضي الله عنه-: (كلمة حق أريد بهاباطل).
وصدق -رضي الله عنه-، فكم من كلمة حق أريد بها باطل، فلا تغتروا بمن يزعمأنه ينطق بكلمة الحق؛ لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين.
الخوارج كفّروا علياً -رضي الله عنه- ومن معه بعد قضية التحكيم، واستباحوا دماء أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- وأموالهم، وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين، ويلبّسون على الناس بذلك.
رابعاً: ومن صفاتهم : الجهل بالكتاب والسنة، وسوء الفهم لمعانيهما.
كما قال -صلى الله عليه وسل: (يقرؤن القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم).رواه مسلم (1066).
وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء، وترفعهم عن الأخذ منهم، وثني الركب في حلقهم؛ لأنهم كما يظنون: أوصياء على العلماء! هكذا يفعل الجهل بصاحبه.
خامساً: ومن صفاتهم: استباحة دماء المسلمين والمعاهدين، واستحلالأعراضهم وأموالهم، بل وأولادهم.
ففي صحيح مسلم (1066): أن علياً حرض المسلمين على قتال الخوارج لما نزعوا البيعة وأفسدوا في الأرض، فقال بعد أن ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الإسلام: (أيها الناس: تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم؛ فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا فيسرح المسلمين، فسيروا على اسم الله).
وفي مسند الإمام أحمد (1/86): أن عائشة -رضي الله عنها- قالت لعبد الله بن شداد: (وهل قتلهم علي -رضي الله عنه-؟ تعني الخوارج. قال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة).
والحديث يدل على خصلة من خصال الخوارج: وهي استحلال دماء أهل الذمة؛ لأنهم يرون أن الذي أعطاهم العهد والأمان ولي الأمر، وهو عند الخوارج كافر.
وكان علي -رضي الله عنه- قد حذرهم من الاعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهد وأمان.
ففي الحديث المتقدم: أن علياً بعث إلى الخوارج قبل أن يقاتلهم فقال: (بيننا وبينكم: أن لا تسفكوا دماً حراما: أو تقطعوا سبيلاً، أو تظلموا ذمة، فإنكم إنفعلتم؛ فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين).
سادساً: ومن صفاتهم: أنهم كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام). خرجه البخاري (3611) ومسلم (1066).
ومن فضل الله أنه لا يكون معهم أحد من أهل العلم والفضل والسنة، وأما الذي يدافع عنهم فهو منهم ولا كرامة.
فقد أورد العلامة الوادعي أثراً عن ابن عباس وحسن إسناده، أنه -رضي الله عنه- لما جادل الخوارج قال لهم: (ما تنقمون على صهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين والأنصار؛ وعليهم نزل القرآن، وليس فيكم منهم أحد، وهم أعلم بتأويله؟). [صعقة الزلزال (2/392).
سابعاً: ومن صفات الخوارج: الطعن في العلماء، وصرف الشباب عن مجالسهم؛لأن الشباب إذا أخذوا عن العلماء السلفيين والتفوا حولهم -رغبةً في العلم-: كان ذلك سبباً في سلامتهم، وبغضهم للخوارج؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال.
في مسند الإمام أحمد (1/86) أن علياً -رضي الله عنه- بعث عبد الله بن عباس إلى الخوارج، فلما توسط عسكرهم؛ قام ابن الكواء -وكان آنذاك خارجياً-، قام يخطب الناس ويحذرهم من ابن عباس، فقال: (يا حملة القرآن؛ إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: {بل هم قوم خصِمون}، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله).
وفي زمننا تحجب فتاوى العلماء عن الشاب المسلم والفتاة المسلمة، تحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة وكتبها، وتحجب فتاواهم في أئمة الضلالة في زماننا ورموز الحزبية، وكثير من الناس لم يعلم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة، التي تدعي بعضُها أنها كبرى الجماعات، أو الجماعة الأم، وما علم بتحذير العلماء منها إلا بعد أن وقعت المصيبة، وحلت البلية.
فحسبنا الله على من يغيب فتاوى العلماء عن الشباب، ويربيهم على الحزبية والعنف والتطرف.
ثامناً: ومن صفاتهم: خذلان الله لهم، وأنه يبطل كيدهم ويقطع دابرهم، فلا يقوم لهم عز ولا سلطان؛ لأنهم مفسدون مخالفون للسنة، ومن خالف السنة فهو في وحشة وغربة، ومآله أن يتخلى عنه أحبابه وأصحابه، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (ينشأ نشأ يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قُطع). قال ابن عمر -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلما خرج قرن قطع، أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال). رواه ابن ماجه (1/61).
ومن لطف الله بأهل السنة: أن الذل مصاحبٌ للخوارج؛ لأنهم أعرضوا عن السنة، ورضوا بالبدعة، فأهل السنة ظاهرون عليهم، منصورون بإذن الله.
في صحيح مسلم (1066) من حديث زيد بن وهب الجهني قال: (لما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي، فقال لهم: ألقوا الرماح، وسلوا سيوفكم من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء.فرجعوا فوحشوا برماحهم، وسلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، قال: وقتل بعض الخوارج على بعض، وما أصيب من الناس -يعني أهل السنة- يومئذ إلا رجلان).
وأما حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخوارج فقد أفصح عنه بقوله:(لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود). خرجه البخاري (4351) ومسلم (1064).
وخرجا أيضاً من حديث علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة).
وقال علي -رضي الله عنه-: (لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم -صلى الله عليه وسلم -؛ لاتكلوا عن العمل). رواه مسلم (1066).
وروى أيضاً عنه (1066) -رضي الله عنه- أنه قال: (لولا أن تبطروا؛ لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-).
وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في الخوارج: (طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه). رواه الإمام أحمد.
قال أبو غالب: لما أُتي برؤوس الأزارقة -وهم فرقة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق- فنصبت على درج دمشق، جاء أبو أمامة -رضي الله عنه-، فلما رآهم قال: (كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار، هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتلى قُتِلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء. فقيل له: أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار، أو شيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: بل سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير مرة ولا اثنتين ولا ثلاث، قال: فعد مراراً). رواه الإمام أحمد.
وأما الحوار مع الخوارج ومجادلتهم؛ فمرد ذلك إلى السلطان، إن رأى المصلحة في مجادلتهم فإنه يرسل إليهم أهل العلم إذا كانوا بمكان معروف، فأما من كان مختفياً؛ فكيف نحاوره بالله عليكم؟!
فقد ثبت عن ابن عباس أنه قال لعلي: (يا أمير المؤمنين؛ لعلّي أدخل على هؤلاء القوم -يعني الخوارج- فأكلمهم. فقال علي: إني أخافهم عليك. فقال ابن عباس: كلا -وكنت رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً-. فأذن له علي في مجادلتهم. رواه الفسوي (1/522) بسندحسن، قاله العلامة مقبل الوادعي في كتابه “صعقة الزلزال”، وعند الإمام أحمد (1/86): (أن علياً بعث إليهم ابن عباس ليجادلهم).
فانظروا كيف أن ترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله عنهما- رد الأمر إلى السلطان، فلم يحاورهم إلا بإذن منه، فرجع منهم من رجع.
وعلي -رضي الله عنه- إنما جادل الخوارج قبل أن يسفكوا الدم الحرام ويستحلوا محارم الله، فإنهم لما فعلوا ذلك لم يحاورهم، بل استعان بالله وقاتلهم.
ففي المسند (1/86) أن علياً -رضي الله عنه- بعث إلى الخوارج فقال: (بيننا وبينكم: أن لا تسفكوا دماً حراماً، أو تقطعوا سبيلاً، أو تظلموا أهل الذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين).
ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن إذا كانوا في مكان ظاهر تحدثهم ويحدثونك، كما حصل لابن عباس -رضي الله عنهما- لما ذهب إليهم، وهم ستة آلاف قد اجتمعوا في مكان واحد فجادلهم، وأما إن كانوا مختفين يعملون في سرية؛ فكيف نحاورهم؟!
ثم إن الخوارج زمن علي كانوا يظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون، أما في زماننا فكيف تحاور مَن إذا جدّت الأمور تدثر بالتقية؟! وقال: أنا أدين بالولاء وأحب العلماء!! ووالله وتالله وبالله ما قلت وما فعلت!! وأبرأ إلى الله من فلان وفلان!!
كيف تحاور من يُوَجَّهون عبر خطابات القنوات الفضائية، فيقال لهم: “استعينوا على حوائجكم بالكتمان” ؟!
كيف تحاور من أضجعك لينحرك والسكين في يده وهو يقول: “بسم الله، وفي سبيل الله، اللهم تقبل قرباني” ؟!
إن الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوة مشبوهة،ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن قبل سفك الدماء واستحلال المحارم، فإن فعلوا ذلك؛ فسنة علي ولي الأمر زمن ابن عباس واضحة جلية، فقد بعث إليهم فقال: (بيننا وبينكم: أن لا تسفكوا دماً حراماً، أو تقطعوا سبيلاً، أو تظلموا أهل الذمة، فإنكم إن فعلتم؛ فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين).
وقد يقول قائل: وهل يوجد في هذا العصر خوارج؟!
أجاب الشيخ العلامة صالح الفوزان -أعزه الله ورفع قدره- فقال: (يا سبحان الله! وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج؟! وهو تكفير المسلمين، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم، هذا مذهب الخوارج،
وهو يتكون من ثلاثة أشياء:
أولاً: تكفير المسلمين.
ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر.
ثالثاً: استباحة دماء المسلمين.
هذه من مذهب الخوارج، حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً، صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه) .اهـ.
يا خوارج العصر.. إنكم تفسدون في بلاد التوحيد والسنة، في بلاد قال فيها الشيخ ابن باز -غفر الله له-: (هذه الدولة السعودية دولة إسلامية ولله الحمد، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتأمر بتحكيم الشرع، وتحكمه بين المسلمين). ا.هـ.
وقال -غفر الله له-: (العداء لهذه الدولة عداء للحق، عداء للتوحيد، فأي دولة تقوم بالتوحيد الآن؟!). ا.هـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: (البلاد -كما تعلمون- بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية). ا.هـ.
وقال الشيخ صالح الفوزان عن هذه الدولة ودعوتها السلفية: (لها أكثر من مئتي سنة وهي ناجحة، لم يختلف فيها أحد، وتسير على الطريق الصحيح، دولة قائمة على الكتاب والسنة، ودعوة ناجحة لاشك في ذلك). ا.هـ.
وقال الشيخ العلامة المحدٍّث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: (أسال الله أن يديم النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين، وأن يحفظ دولة التوحيد برعاية خادم الحرمين الملك فهد، وأن يطيل عمره في طاعة وسداد أمر وتوفيق موصول).
وقال محدث اليمن العلامة مقبل بن هادي الوداعي -رحمه الله-: (يجب على كل مسلم في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومة ولو بالكلمة الطيبة، فإن أعداءها كثير من الداخل والخارج… وعلماء السوء يتكلمون في الحكومة السعودية وربما يكفرونها… وهؤلاء الحزبيون شر، هم يهيئون أنفسهمللوثوب على الدولة متى ما تمكنوا، فينبغي ألا يُمَكنوا من شيء، وألا يُساعَدوا على باطلهم). ا.هـ.
وقال الشيخ حماد الأنصاري -رحمه الله- : (من أواخر الدولة العباسية إلى زمن قريب والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة، ولهذا نعتقد أن هذه الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدة السلف الصالح بعد مدة من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلة من الناس). ا.هـ.
ولما سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز -غفر الله له-: عمن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية؟ أجاب -رحمه الله- بقوله: (هذا دين الخوارج والمعتزلة: الخروج على ولاة الأمور، وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية… ولا يجوز لأحد أن يشق العصا، أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور، أو يدعوا إلى ذلك؛ لأن هذا من أعظم المنكرات، ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء، والذي يدعو إلى ذلك -هذا هو دين الخوارج- يستحق أن يقتل؛ لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا، والواجب الحذر من هذا غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مَن يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة بين المسلمين). ا.هـ.
وأما من تورط في هذه التفجيرات وسفك الدماء، وأعان عليها؛ فيقال لهم:
{واتقوا يوماً تُرجَعون فيه إلى الله ثم تُوَفَّى كل نفس ما كسبت وهملايُظلَمون}.
يا معاشر الشباب.. ها قد فجرتم في بلاد الحرمين، وسفكتم الدم الحرام،فأزهقت أرواح الأطفال والنساء والعجائز من المسلمين والمعصومين.. فما النتيجة؟!
هل نُصر الدين وأهله بهذا التفجير؟!
هل حُسِّنت صورة المسلمين؟!
مَن المتضرر دول الكفر أو نحن؟!
مَن الذي أُخيف وأُفزِعَ ورُوِّع نحن أم هم؟!
يا معاشر الشباب.. توبوا إلى الله قبل الممات، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب إليه وأناب.
أتظنون أن هؤلاء القتلى لن يطالبوا بحقهم بين يدي الله يوم القيامة؟! حين تنصب وتوضع الموازين ويقال: {لا ظلم اليوم}، فيقتص للمظلوم من ظالمه، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء، فيأخذ المقتول حقه، وما ربك بظلام للعبيد.
يا معاشر الشباب.. إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبيُّ الرحمة، وهذه الأمة أمة مرحومة، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فأين الشفقة والرحمة؟! ألا ترحمون آباءكم وأمهاتكم؟! فهم والله منذ فراقكم ما بين خوف عليكم وخوف منكم، فَتُشقِي والديك حياً وميتاً!!
يا معاشر الشباب.. توبوا إلى الله واستغفروه، وألقوا السلاح، وكفوا عن الدماء، وتذكروا قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عابداً: هل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله وكمل به المائة، ثم سأل عالماً -وهذا هو الواجب أن تسأل العالم لا العابد الجاهل بدينه-: هل له من توبة؟ قال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟! ثم أمره أن يرحل إلى بلد يعبد الله فيه، فهاجر إليه، فحضره الأجل في الطريق، فقبضته ملائكة الرحمة لما جاء تائباً مقبلاً إلى الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنَّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم}.
ألا ترون إلى مَن غَرَّكم كيف تبرأ منكم؟ فقدتم صالح الإخوان، ووالله لن تجدوا من أمرائكم بدلاً!!
يا معاشر الشباب.. إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، ومَن تابَ تاب الله عليه، فلا يَغُرَّنَّكم مَن يريد أن يطيل مدة شقاءكم مطالباً بالحوار ومبرراً؛ لتزيدوا من الإثم والعدوان، وهو المستفيد لا أنتم!!
فاللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم مَن أرادنا وبلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا اللهم فرُدَّ كيده، واجعل تدبيره تدميراً عليه، يا سميع الدعاء، اللهم اهتك ستره يا رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: سلطان بن عبد الرحمن العيد .
لقراءة المقال بصيغة pdf
http://islamancient.com/ressources/docs/755.pdf