يقول السائل: صليت في جماعة في المسجد وأنا مسبوق، ولما قمت لأتم صلاتي انصرف الذي قبلي ولم تبقَ لي سترة، هل تسقط عني السترة على أنها تشرع في أول الصلاة فقط؟ أو أتقدم لألتمس سترة جديدة؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: – والله أعلم- أن المسبوق إذا انتهت صلاته مع الإمام فإنه ليس له سترة؛ لأن سترته متعلقة بالإمام، وقد انتهت سترة الإمام، والإمام سترة له، ويدل لذلك – والله أعلم- ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» الحديث.
ففي هذا الحديث أنه إن صلى إلى ستره فليدفع من يمر بين يديه، ومفهوم المخالفة: من لم يصلِّ إلى سترة، فليس له أن يدفع من مر بين يديه، لذا على أصح أقوال أهل العلم من لم يصلِّ إلى سترة فليس له أن يدفع من مر بين يديه.
ومثل هذا يقال في المسبوق، فإنه لما انتهت صلاة الإمام انتهت سترته؛ لأن سترته متعلقة بالإمام.
ويؤيد ذلك أن من ذهب من العلماء إلى أن للمسبوق سترة، وأنه يتتبع السترة بحيث إذا انتهت الصلاة يتتبع السترة يمنة يسرة، كما ذهب إلى ذلك مالك، وهو قول المالكية، يلزم على قولهم: أن المسبوقين يتتبعون السترة يمنة أو يسرة، أو يتقدمون أو يتأخرون، يعني: يتحركون حركة لا تبطل الصلاة، وهذا الأمر لو كان شائعًا لنُقِل عن الصحابة والتابعين.
والنبي صلى الله عليه وسلم – في “البخاري”- فاتته ركعة؛ لأنه تأخر عن الصحابة، فتقدم عبد الرحمن بن عوف، وصلى بهم صلاة الفجر، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تتبع السترة.
وقد رأيت الإخوة الذين يعملون بهذا القول إذا انتهوا من الصلاة ترى المسبوقين يتحركوا في الصلاة يمنة ويسرى، يتقدم بعضهم، ويتأخر بعضهم، تحركًا يلفت النظر، ومثل هذا لو كان معروفًا عند الصحابة والتابعين لنقل عنهم.
لذا الأظهر -والله أعلم- أن مثل هذا ليس سنة، وليس للمسبوق سترة، ولا أعرف شيئًا عن الصحابة والتابعين فيه تتبع السترة للمسبوق.