عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ……. أما بعد:
فإن أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم أقصر من الأمم السابقة التي كانت أعمارهم طويلة ثبت عند ابن أبي حاتم في تفسيره (9/ 3041) عن مجاهد قال: قال لي ابن عمر. كم لبث نوح في قومه قال:
قلت ألف سنة إلا خمسين عامًا قال: فإن الناس لم يزالوا في نقصان أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا.
وثبت عند الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله قال أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك”
فلما حكم الله عليهم – بحكمته البالغة – بقصر الأعمار يسر الله لهم مواسم خيرات تضاعف فيها الأجور، ومن ذلك عشر ذي الحجة فإنها أفضل أيام السنة .
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟” قالوا: ولا الجهاد؟ قال: “ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء “
وقال البخاري : قال ابن عباس: ” واذكروا الله في أيام معلومات: أيام العشر
وحكى ابن جرير في تفسيره إجماع أهل العلم على أن المراد بقسم الله (وليال عشر ) أنها عشر ذي الحجة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن مَسْرُوق أنه قال فِي قَوْله: (وليال عشر) قَالَ: هِيَ عشر الْأَضْحَى هِيَ أفضل أَيَّام السّنة.
وأخرج الدارمي في سننه أنه كان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه “
حتى أنها أفضل من العشر الأواخر من رمضان إلا ليلة القدر فإنها أفضل قال ابن رجب في لطائف المعارف (ص: 267) وهذا كله يدل على أن عشر ذي الحجة أفضل من غيره من الأيام من غير استثناء هذا في أيامه
فأما لياليه فمن المتأخرين من زعم أن ليالي عشر رمضان أفضل من لياليه لاشتمالها على ليلة القدر وهذا بعيد جداً.
– ثم قال – والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن يقال مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها والله أعلم. ا.هـ
ويستحب في هذه العشر الإكثار من الأعمال الصالحة والاجتهاد فيها كتحسين الصلوات المفروضات والاجتهاد في ذلك ، الرواتب وقيام الليل والأذكار كأذكار الصباح والمساء وغيرهما ، بل وكثرة الذكر وقراءة القرآن ومما يستحب في هذه العشر صيامها فقد كان السلف يصومونها ، ويدل لذلك ما ثبت عند عبد الرزاق أن رجلاً سأل أبا هريرة : إن علي أياماً من رمضان، أفأصوم العشر تطوعاً؟ قال: لا قال: ولم؟ قال أبو هريرة: ابدأ بحق الله، ثم تطوع بعدما شئت “
وفي هذه الأيام أعمال خاصة وهي كما يلي:
العمل الأول/ الحج . والحج واجب على كل مسلم حر عاقل بالغ قادر لقوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ومن أخره مع استطاعة فعله فهو آثم إثماً شديداً
أخرج البيهقي عن عمر أنه قال ” ليمت يهودياً أو نصرانيًا -يقولها ثلاث مرات- رجلٌ مات ولم يحج وجد لذلك سعة وخليت سبيله. صححه ابن كثير وابن حجر .
وما أكثر الذين يؤخرون الحج مع قدرتهم .
العمل الثاني/ الأضحية فإنها عمل صالح لأنها تقرب إلى الله بإزهاق النفس وإراقة الدم ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها ، ففي الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين .
والأصل أن أهل الأضحية يضحون في بيوتهم لإظهار هذه الشعيرة .
العمل الثالث / الإمساك عن الشعر والأظفار والبشر لمن أراد أن يضحي ولمن ضحي عنه . أخرج مسلم عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا” وفي رواية ( وأظفاره )
العمل الرابع/ صيام يوم عرفة لغير الحاج .
أخرج مسلم عن أبي قتادة قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة . قال: يكفر السنة الماضية والباقية .
ومما ينبغي أن يعلم أن التكفير إنما يكون للصغائر لا للكبائر بإجماع أهل السنة كما حكاه ابن عبد البر ، ويدل عليه أن الصلوات المفروضة وصوم رمضان لا تكفر الكبائر فما كان أقل منها كصيام يوم عرفة فهو أولى منها أخرج مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر”
وهذا يدعو المؤمن الصادق أن يتوب من الكبائر ليفوز بأجر تكفير الأعمال الصالحة لسيئات عامين.
العمل الخامس/ التكبير في العشر والجهر بذلك .
علق البخاري عن مجاهد قال: كان ابن عمر، وأبو هريرة: يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما “
وهذه سنة قد هجرت وقل من يقوم بها .
العمل السادس/ صلاة العيد . وكان السلف حريصين على آدائها رجالاً ونساء ففي الصحيحين عن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” يخرج العواتق وذوات الخدور، والحيض، وليشهدن الخير، ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحيض المصلى “
وللعيد أحكام ذكرتها في درس بعنوان : أحكام العيدين .
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=63
وينبغي أن يتنبه لأمور ثلاثة :
التنبيه الأول / يدخل في الإمساك عن هذه الأمور الثلاثة كل من يراد أن يضحى عنه أيضاً فمن أراد يضحي عن نفسه وأهل بيته يمسك هو وإياهم ذكر هذا الحنابلة والمالكية وقد ثبت عن ابن سيرين أنه كان يكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرجل من شعره حتى يكره أن يحلق الصبيان في العشر
التنبيه الثاني / من أراد الأضحية لكن خالف الشرع وأخذ من شعره وأظفاره وبشره فهذا لا يمنع الأضحية لكنه أخطأ بمخالفة الشرع .
التنبيه الثالث / من لم ينو الأضحية إلا في اليوم الخامس مثلاً يبتدئ الإمساك عن هذه الأمور الثلاثة من أول ما ينوي
أسأل الله أن يعيننا والمسلمين أجمعين للقيام بطاعته والاجتهاد في هذه العشر ويمن علينا بالقبول ويرحم ضعفنا وتقصيرنا إنه الرحمن الرحيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. عبد العزيز بن ريس الريس dr_alraies
المشرف على موقع الإسلام العتيق
http://islamancient.com
3 / 12 / 1434 هـ