غزة تنتصر !
والله إننا لنعجب وحق لنا أن نعجب من محاولتهم التلاعب بعقولنا والضحك على ذقوننا، فأحدهم يصرخ مزهوا: غزة تنتصر !
وآخر من كبارهم يكتب: أما آن لغزة أن تفرح !
بعد أن قتل من الفلسطينيين أكثر من ألفي قتيل، وجرح أكثر من عشرة آلاف، وآلاف المنازل هدمت على رؤوس قاطنيها، ونصف مليون فلسطيني أصبحوا بلا مأوى، جاء هؤلاء يهرعون فرحين مستبشرين لقد انتصرت غزة !
وأنا لا أدري إذن ما معنى الانتصار والهزيمة في معايير الأمم والشعوب وأي معنى للنصر والغلبة والقهر والمصيبة في موازين المعارك والحروب إن لم يكن ما حل بأهل غزة مصيبة وبلاء بشتى المقاييس في حرب دارت رحاها على مدى خمسين يوما.
ألم يروا مثلنا ما حل بغزة من دمار أباد الكيان الصهيوني فيه الأخضر واليابس ولم يبق للحياة أي معنى في أحيائها وميادينها وسككها ؟
فكيف يعد أصحاب هذه الشعارات ما حل بغزة انتصارا ؟!
إلا إذا كانت موازينهم غير موازيننا، ومكاسبهم الحزبية غير مكاسبنا، وكأن دماء أهل غزة التي أريقت لا تعنيهم، وكأن تلك الإبادة الشاملة والحرب القذرة التي تعرض لها سكان غزة لا محل لها ولا تأثير في حسابات الربح ومعايير الخسارة.
لقد خسر أهل غزة أنفسهم وأموالهم، لقد خسروا أهلهم وذويهم، خسروا كل ما كانوا يعيشون فيه وكل ما كانوا يرجونه ويطمحون لتحقيقه، فقد أبيدت عدد من المساكن عن آخرها وفقدت عوائل كاملة وأبيدت أحياء سكنية، انطمرت أجساد أهلها وما تحمله نفوسهم من كرب ومآس تحت الركام.
لكن الحزب يدعي أنه ربح في هذه الحرب مكاسب سياسية وحقق انتصارات مرحلية، فقد أحرج خصومه، وضيق الخناق على المخالفين له بإقحامه أهل غزة في منازلة غير متكافئة ومغامرة غير مسؤولة في وقت تئن فيه كثير من بلدان المسلمين من ثورات وفتن أثقلتها وحروب ومعارك شتت كلمتها.
وقد يدعي الحزب أنه حقق انتصارا باهرا عندما رفض المبادرة العربية، وتعنت في قبول الدعوة إلى وقف إطلاق النار، فهذا غاية مطلبه.
نعم لقد حقق انتصارا ثمينا ونال مكسبا استرتيجيا عظيما على حساب المجازر التي حلت بأهل غزة والمصائب التي زادت من آلامهم ومآسيهم.
كتبه محمد بن علي الجوني
ذو القعدة 1435