فضل يوم الجمعة، وما قصرنا فيه


الخطبة الأولى:

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُه ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتِغْفِرُهُ ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِي اللهُ فَلا مُضِلَ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوُلُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

أَمّا بَعْدُ:

فَإِنَّ اللهَ فَضَّلَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى الأُمَمِ كُلِهَا، وِلَمَّا فَضَّلَهَا جَعَلهَا شَاهِدَةً عَلَى الأُمَمِ السَابِقَةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ ‌أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143].

وَمِمَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ أَنَّهُ هَدَاهُمُ إلى يَوْمِ الجُمُعَةِ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحَيْحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ».

وَهَذَا فَضْلٌ كَبِيرٌ فَضَّلَ اللهُ بِهِ هَذِهِ الأُمَّةَ، وَهُوَ فَضْلٌ كَبِيرٌ لِيَومِ الجُمُعَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿‌وَشَاهِدٍ ‌وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج: 3] ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ الشَاهِدَ: يَومُ الجُمُعَةِ، والمشْهُودَ: يَومُ عَرَفَة.

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ أَبا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».

ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي الصَحِيْحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الصَّلَواتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إلى الْجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ» فَيَا للهِ مَا أَعْظَمَ هَذَا اليَومَ! الذِي مَا بَيْنَ جُمْعَتَيْهِ كَفَارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، والجُمُعَةُ هُوَ عِيِدُ الأُسْبُوعِ لِلِمُسْلِمِينَ.

وَرَوَى ابْنُ أبِي الدُنْيَا فِي (فَضَائِلِ رَمضَانَ) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أَنَّهُ قَالَ: “ سَيَّدُ الأَيَّامِ يَوْمُ الجُمُعَةِ “، وثَبَتَ عِنْدَ أبِي دَاوُدَ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ مِنْ ‌أَفْضَلِ ‌أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ».

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»، وَأَنْ يَتَطَيَّبَ وَأَنْ يَسْتَاكَ فِيهِ، فَمِنْ فَضْلِ هَذَا اليَومِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اغْتِسَالُهُ، ويُسْتَحَبُّ التَطَيُّبُ وكَثْرَةُ السِّوَاكِ فِيهِ، فَهُوَ يَومُ التَجَمُّلِ، يَومُ لبْسِ الثِّيَابِ الجَمِيلَةِ، يَومُ التَّحَسُّنِ، تَعْظِيمًا لِهَذَا اليَومِ العَظِيمِ، تَعْظِيمًا لِلِقَاءِ اللهِ فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ.

وَمِنْ فَضَائِلِ هَذَا اليَومِ أَنَّهُ جَاءَ الوَعِيدُ الشَدِيْدُ فِي تَرْكِ صَلَاتِهِ، ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَا رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».

وقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ ‌لِلصَّلَاةِ ‌مِنْ ‌يَوْمِ ‌الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9] فَإِنَّ اسْتِمَاعَ الذِّكْرِ وَالخُطْبَةِ يَومَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ الِإيْمَانِ.

وَإِنَّ فَضَائِلَ هَذَا اليَومِ الكَثِيرةَ دَالَّةٌ عَلَى عَظِيمِ مَكَانَتِهِ، فَلِذَا اخْتَصَّهُ اللهُ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَاعْرِفُوُا فَضْلَهُ واسْتَشْعِرُوا عَظِيِمَ مَكَانَتِهِ، وَكَيْفَ أَنَّ اللهَ اخْتَصَّكُمْ يَا أُمَةَ مُحَمَّدٍ بِهَذَا اليَومِ، اللهُمَّ أعِنَّا على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

أقولُ مَا تسمعونَ وأستَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَمَّا بعْدُ:

فَإِنَّ مِنْ العِبَادَاتِ الجَلِيلَةِ فِي يَومِ الجُمُعَةِ -الذي هو عِيدُ الأُسْبُوعِ وهو أَفْضَلُ الأَيَّامِ- التَبْكِيرَ إلى صَلَاةِ الجُمُعَةِ، ثَبَتَ فِي الصَحِيحِين عَنْ َأَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأَنَّمَا ‌قَرَّبَ ‌بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» بَعْدَ دُخُولِ الخَطِيْبِ يَتَوَقَّفُ كِتَابَةُ الأَجْرِ لِمَنْ بَكَّرَ إلى الجُمُعَةِ.

يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّ يَومَ الجُمُعَةِ يَبْدَأُ مِنْ طُلُوْعِ فَجْرِهِ، وَالسَّاعَةُ تُعْرَفُ بِأَن يُقَسَّمَ الوقتُ مِنْ أَذَانِ الفَجْرِ الي أَذَانِ الظُهْرِ عَلَى خَمْسٍ، وَالِمقْدَارُ هُوَ السَّاعَةُ، يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا فِي كُلِ أُسْبُوعٍ، يَا عَبْدَ اللهِ! إِنَّكَ تَسْتَطِيعُ فِي كُلِ أُسْبُوعٍ أَنْ تُقَرِّبَ بَدَنَةً أَو بَقَرَةً أَو كَبْشًا، إلى غيرِ ذَلِكَ، فَيَاللهِ! كَيْفَ نَحْنُ مَعَ هَذَا الفَضْلِ العَظِيمِ؟! وَلِمَاذَا نَحْنُ مِنَ المقَصِّرِينَ وَالمتَكَاسِلِينَ؟!

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ ‌الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: 10-11] قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ: السَّابِقُونَ الي الجُمُعَةِ هُمُ المُسَابِقُونَ يَومَ المزِيدِ، أَي: فِي الجَنَّةِ إلى اللهِ سُبْحَانَهُ.

وَثَبَتَ عِنْدَ الأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيِثِ‌ أَوْسِ ‌بْنِ ‌أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَغَسَّلَ- وَفِي روايةٍ: غَسَّل رَأْسَهُ – وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا».

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: هَذَا أَعَظَمُ حَدِيْثٍ فِي الفَضَائِل، هَذَا -يَا عَبْدَ اللهِ- فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فإنهُ بِإِمْكَانِكَ أَنْ تَخْطُوَ أَلْفَ خُطْوَةٍ أَو مِائَةَ خُطْوَةٍ فَتَأْخُذَ أَجْرَ صِيَّامِ مِائَةِ سَنَةٍ وَقِيامِهَا، مَا أَعْظَمَ هَذَا الفَضْلَ!

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّام».

وَرَوَى ابْنُ بَطَةَ فِي (الإبَانَةِ الكُبْرَى) وغَيْرُهُ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أَنَّهُ تَأَخَّرَ مَرَةً يَومَ الجُمُعَةِ، وَكَانَ لَا يُسْبَقْ -رضيَ اللهُ عنهُ-، فَجَاءَ وَرَأَى أَمَامَهُ ثَلاثَةً فَقَالَ: “ وَما رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدٍ، إِنَّ اللهَ يَكُونُ فِي الجَنّةِ عَلَى كَثِيِبِ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ، وإِنَّ النَّاسَ يَدْنُونَ إِليهِ بِقَدْرِ مُسَارَعَتِهِمْ الي الجُمُعَةِ “.

فَالتَبْكِيرُ إلى صَلَاةِ الجُمُعَةِ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ، وَاللهِ قَدْ فَرَّطْنَا فيها كَثِيرًا لَا سِيمَا فِي هَذِهِ السُّنَيَّاتِ، كَانَ النَّاسُ إلي عَهْدٍ قَرِيبٍ يُعَظِّمُونَ هَذَا اليَومَ، فَهُمُ فِي أَوَّلِ صَبَاحِهِم مُسْتَيْقِظِونَ نَشِيطِونَ، ولبُيوتِهم ضَجَّةٌ وحركةٌ، فَإِنَّهُ يَومُ الجُمُعَةِ، يَسْتَعِدُّونَ بِلُبْسِ أَحسَنِ ثِيَابِهم، يَسْتَعِدُّونَ بِالتَطَيُّبِ والتبخُّرِ بالطِّيِبِ، فَرِحُونَ بِهَذَا اليَومِ يَتَسَابَقُونَ فِي حُضُورِهِ، ولهذا اليومِ عَظَمَةٌ فِي نُفُوسِهِمْ، أَمَّا نَحْنُ اليَومَ -نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا- أَصْبَحَ يَومُ الجُمُعَةِ كَغَيّرِهِ، يَأْتِي بَعْضُ النَّاسِ بِأيِّ لِبَاسٍ! بَلْ وَيَأْتِي بَعْضُهُم بَلا اِغْتِسَالٍ! وَيَأْتُونَ فِي الخُطْبَةِ الثَانِيَةِ قُبَيلَ دُخُولِ الخَطِيبِ! التَفِتْ يَمَنةً وَيَسْرَه لا تَكَادُ تَجدُ فِي المسْجِدِ إلا قَلِيلًا، وَمَا إِنْ تَبْتَدِئْ الخُطْبَةَ إِلا ويَتَوَافَدُونَ! وَلا سِيَّمَا فِي الخُطْبَةِ الثَانِيَّةِ.

يا للهِ لِمَاذَا هَذَا الكَسَلُ؟ لِمَاذَا هَذَا الفُتُورُ؟ أَلَيْسَ وَرَاءَنَا يَومٌ تَشِيْبُ فِيهِ مَفَارِقُ الصِبْيَانِ؟! أَلَيْسَ الموْتُ يَتَوَعَّدُنَا؟ والقَبْرُ ينتظِرُنَا؟ فَلمَاذَا التَّأَخُّرُ؟!

عِبَادَ اللهِ لِمَاذَا لا تُسَابِقُون؟ وِلِلِخَيْرَاتِ تُسارِعَون؟ لِمَاذَا لا نُجَاهُدُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَنْ نُعَظِّمَ هَذَا اليَومَ الذي عظّمهُ اللهُ؟

ثُمَّ إِنَّ فِي يَومِ الجُمُعَةِ سَاعَةً تُسْتَجَابُ فِيهَا الدَّعَوَاتُ وتُحَقَّقُ فِيهَا الرَّغَبَاتُ، وَهِي فِي عَصْرِهَا، وَقَدْ أَفْتَى الصَحَابةُ بِأَنَّهَا فِي السَّاعَةِ الأَخِيَّرةِ مِنْهَا، ثَبَتَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «‌فِي ‌الجُمُعَةِ ‌سَاعَةٌ، لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَأَلَ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ»، وَقَالَ بِيَدِهِ، يُزَهِّدُهَا -أَي: يُقَلِلُّها- فِهِيَ وَقْتٌ قَلِيْلٌ.

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَسَارِعُوا إلى الجُمُعَةِ.

وَاللهِ إِنَّ منْ الإثْمِ والمعصيةِ أَنَّ طَائِفَةً لا يَأْتُونَ إِلا والِإمَامُ يُصَلِي الجُمُعَةَ، وَأَنَّ طَائِفَةً لا يَدْركُونَ إِلا الرَّكْعَةَ الثَانِيَّةَ، بَلْ إِنَّ طَائِفَةً لا يَدْركُونَ حَتَى الركْعَةَ الثَانِيَّةَ فَيُصَلُّونَ أَرْبَعًا قَدْ فَاتَتْهُم صَلاةُ الجُمُعَةِ! بَل إِنَّ طَائِفَةً يُصَلُّونَ الظهرَ صَلاةً جَمَاعِيَّةً فِي المسْجِدِ يَومَ الجُمُعَةِ!! فَيَا للهِ! كَيْفَ رَقَّ الدِيَّنُ؟! وَضَعُفَ الِإقْبَالُ عَلَى طَاعَةِ رَبِ العَالَمِين؟!

اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، اللَّهُمَّ عَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أعْطَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَي عَليْكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الِإسْلَامَ وَالمسْلِمِينَ …

 

نسخة للطباعة
تنزيل الكتاب
نسخة للجوال
تنزيل الكتاب

شارك المحتوى:
0