يقول السائل: قرأنا في صفحتكم بأنه تجب البيعة على كل مسلم لحاكم بلده، وأنا سوري مقيم في السعودية، هل عليَّ بيعة؟ ولمن أعطيها؟ وما هي الصيغة للبيعة؟ وهل تصح أن أطلقها دون علم الحاكم؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن كل مسلم تحت حاكم مسلم تجب له البيعة، وطريقة البيعة أن يعتقد المسلم أن لحاكمه سمعًا وطاعة في عنقه، من اعتقد ذلك فقد تمت البيعة، ولا يلزم من البيعة المصافحة.
ويبين ذلك هدي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن كلهم يصافح النبي صلى الله عليه وسلم من أجل بيعة، وكذلك هدي التابعين والصحابة في عهد الخلفاء الراشدين، فإنهم لم يأتوا من أقطار الأرض شرقًا وغربًا، لم يأتِ كل مسلم لأجل أن يصافح الصحابة من أجل بيعتهم، وإنما يكفي أن يعتقد أن في عنقه بيعة، كما قرر ذلك وبيَّنه أهل العلم كالنووي وغيره، بل حكى بعضهم إجماعًا على ذلك.
فإذا كان المسلم تحت حاكم كافر، فليست له بيعة؛ لأنه كافر، لكن لو انتقل إلى بلدة أخرى كما هو حال السائل، بأنه سوريٌّ انتقل إلى البلاد السعودية، فمثل هذا لا يبايع الحاكم السعودي؛ لأنه ليس حاكمه، وإنما أقام في بلده.
فمن انتقل من بلاد كافرة إلى بلاد المسلمين، فلا يبايع الحاكم المسلم بل يكون ممن سقطت عنه البيعة لعدم وجود الحاكم المسلم.
والأحكام الشرعية تسقط عند العجز، وعدم القدرة، وعدم الوجود، كما قال -عز وجل-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] ، وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم»، وقال الله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]
فمن كان حاكمه كافرًا، وانتقل إلى بلد مسلم وهو مقيم إقامة عارضة، وليس من أهل البلد، فإنه لا يبايع الحاكم الذي انتقل إليه، ولا يبايع لحاكم بلده لأن حاكم بلده كافر، وممن يسقط عنه هذا الواجب لعدم القدرة والوجود.