بسم الله الرحمن الرحيم
إن من النصح والسعي لإخماد فتنة التكفير بغير حق والتفجير إبراز الكتب النافعة المعالجة لهذا الداء العضال لا سيما إذا كانت لكتّاب ذوي مناهج سلفية على طريقة علماء السنة الأوائل والمتأخرين ، ومنهم علماؤنا الكبار كابن باز والألباني وابن عثيمين والفوزان والعباد – رحم الله حيهم وميتهم – .
ومن أبرز وأنفع هذه الكتب كتاب ” مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية ” لمؤلفه فضيلة الشيخ عبدالمالك رمضاني الجزائري ، وزاد أهمية الكتاب وثقة الناس به أن قدم له إمامان جليلان في السنة وهما: محمد ناصر الدين الألباني وعبدالمحسن العباد البدر ، وأبديا في مقدمة الكتاب أهميته ومسيس الحاجة إليه – فجزاهم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين – ، وقد وصلت طباعته -فيما أعلم- إلى الطبعة السابعة بطباعة دار الإمام أحمد بن حنبل بمصر، وأقبل على هذا الكتاب القراء من كل حدب وصوب ؛ لما اشتمل على دراسة علمية لحقائق واقعية ، وهو في دراسته جمع بين التوثيق والاستدلال والتدعيم بأقوال علماء السنة الكبار من الأولين والمتأخرين .
ثم وفق المؤلف غاية التوفيق في المقارنة بين أقوال علمائنا الكبار كابن باز وابن عثيمين والألباني – رحمهم الله – ، وأقوال الحركيين الحماسيين في بعض الوقائع المعاصرة ، وبين ببرهان الواقع الذي لا يرده إلا مكابر جاحد أن أصحاب فقه الواقع أجهل الناس به ، وأن العلماء أفهم الناس له وأعرفهم بالتعامل معه شرعاً ، وأن أعلم الناس بهذه المسائل العامة هم علماء الأمة دون غيرهم من الدعاة والحركيين ، فالمرجع إليهم دون غيرهم قال تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فيا لله متى يأخذ الناس العبرة، ويعرفون للعلماء قدرهم فلا يصدرون إلا عن فتاويهم في مثل هذه الأمور المصيرية؟!
وأذيل مقالي بمقتطفة من مقدمة الإمام الألباني للكتاب إذ قال: ورغم ضيق وقتي ، وضعف نشاطي الصحي ، وكثرة أعمالي العلمية ، فقد وجدت نفسي مشدوداً لقراءته ، وكلما قرأت فيه بحثاً معللاً نفسي أن أكتفي به ، كلما ازددت مضياً في القراءة حتى أتيت عليه كله ، فوجدته بحق فريداً في بابه ، فيه حقائق عن بعض الدعاة ومناهجهم المخالفة لما كان عليه السلف الصالح ، واستفدت أنا شخصياً فوائد جمة حول ثورة الجزائر وبعض الرؤوس المتسببين لها ، والمؤيدين لها بعواطفهم الجامحة ، والمبالغين في تقويمها ممن لا يهتمون بقاعدة التصفية والتربية . ولقد سررت جداً من إشادتك بها ، ودندنتك حولها كثيراً في الوقت الذي لم ينتبه لدورها الهام أكثر الدعاة في تحقيق المجتمع الإسلامي وإقامة حكم الله في الأرض ، بل إنها الأساس في ذلك ، فجزاك الله خيراً ا.هـ وقال العلامة عبدالمحسن العباد في مقدمته : فألفيته كتاباً مفيداً ، مشتملاً على التأصيل للمنهج القويم الذي يليق بالمسلم الناصح لنفسه أن يسلكه ، ومشتملاً أيضاً على تصحيح مفاهيم خاطئة لبعض الشباب في داخل البلاد السعودية وفي خارجها ا.هـ والكتاب بحمد الله متوافر في بعض المكتبات ، فبادر إلى اقتنائه وقراءته لفوائده الجمة التي أشار إليها الإمام الألباني والعلامة العباد ، وانشره لتعم الفائدة وتتسبب في إصلاح المجتمع .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبدالعزيز بن ريس الريس
صفر / 1429هـ