لا تأمن إخوانيًا ولا حركيًا غيّر لباسه
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته … أما بعد :
فإن توبة المخطئ والضال أيًا كان عملٌ صالح يحبه الله ، ويفرح به أهل الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة أحدكم، من أحدكم بضالته، إذا وجدها» أخرجه مسلم
لكن هذا شيءٌ وإيهامُ الإخواني الناسَ بأنه تغير شيءٌ آخر.
فإن الإخوان كالحرباء يتقلبون حسب مصالحهم ومصالح حزبهم، وهذا الذي عليه مؤسسهم حسن البنا-عامله الله بعدله-؛ فقد كان يظهر أمام الملك المصري فاروق بالثناء والمدح، ومن ورائه يخطط لقلب حكمه وإسقاط ملكه، ومن نماذج ثنائه الكاذب الماكر الكثير مقالٌ في مجلة النذير في العدد الثاني بعنوان “ملك يدعوا وشعب يجيب”، ثم يعترف المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني أن الانقلاب على الملك فاروق كان بترتيب من حسن البنا كما في ص21من كتابه “الملهم الموهوب حسن البنا” .
وهكذا الإخوان والحركيون في مصر والسعودية والخليج، فقد رجوا انتصارًا وسقوطًا للحكام فدعوا للثورات وهو ما سموه بالربيع العربي ونفخوا فيه، وكان المقصود مصر ودول الخليج لاسيما السعودية، فأظهروا التحدي وتوالت خطبهم الثورية، وكلماتهم الحماسية، ومؤلفاتهم النارية، ككتاب ( أسئلة الثورة) لسلمان العودة .
وكان من الدعاة الناشطين في هذه الفتنة محمد العريفي، وما خطبته المشهودة ( النفير العام ) بمصر عنا ببعيد .
وقد بيّن دعاةُ السنةِ – يومذاك ولا زالوا- ضلالهم وخطر دعوتهم بالحجة والدليل، وواجهوا هذا الزحف الثوري الخارجي الذليل بكل شجاعة في الخطب واليوتيوب وتويتر والفيسبوك وغيرها، حتى ما كان من دعاة الثورة وأذنابهم إلا أن هددوهم ورموهم بألقاب السوء مثل: الجامية، وغلاة الطاعة ، وهكذا .. !!
وكم نفع الله بجهود شيخنا العلامة ناصر السنة وقامع البدعة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – ، فردّ الله به شرًا عظيمًا، وخطرًا مستطيرًا – جزاه الله خير ما جزى عالمًا مصلحًا ومجددًا ، وجزى الله أهل السنة خيرًا على جهودهم الجبارة – .
وما مضت السنون إلا وانقلب الأمر على دعاة الثورة، وعزّ الله دولة التوحيد والسنة السعودية – حرسها الله – وصدق الله {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}
ثم صار الإخوان والحركيون شذر مذر ما بين هارب ومهين وسجين، وحاولت دولة الكفر أمريكا ودولة الرفض إيران نصرتهم لكن الله ناصر دينه وغالب على أمرهم .
وبعد هذا كله :
بدأ طائفة من الإخوان والحركيين ترتيب صفوفهم وإظهار الولاء والمحبة للدولة ، بل والدعوة لما كانوا يحاربونه وينفّرون منه ، وهذا اللباس الحركي الجديد ينبغي أن نقف معه فيما يلي :
أولًا/ من تاب منهم نفرح بتوبته، لكن بشروطها الشرعية {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } ، فلا تكفي منه التوبة، بل يجب أن يضيف إليها إصلاح ما أفسد ، وبيان أنه كان مخطئًا. هذا كله إذا كان صادقًا، ولله مرضيًا ، ولدينه ناصرًا.
ذُكر للإمام أحمد بن حنبل رجلٌ من أهل العلم، كانت له زلة، وأنه تاب من زلته، فقال: لا يقبل الله ذلك منه حتى يظهر التوبة والرجوع عن مقالته، وليعلمن أنه قَالَ مقالته كيت وكيت، وأنه تاب إلى الله تعالى من مقالته، ورجع عنه، فإذا ظهر ذلك منه حينئذ تقبل، ثم تلا الإمام أحمد {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} (ذيل طبقات الحنابلة (1/ 300))
قال ابن القيم: “ولهذا كان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبين أن ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة، وأن الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ما كانوا يكتمونهم إياه فقال {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ” (عدة الصابرين(ص: 68))
ثانيًا/ من لم يتب منهم حقيقة لا يغتر به، ولا يشاد بكلامه ، بل يستغل لرد من تاه وغوى من أذناب الحزبيين وعوام الناس، فاستغلاله مفيد لزعزعة مكانة الحركيين عند عوام الناس، ومفيد أيضًا لإصلاح ما أفسده الحركيون والإخوان من الدعوة للثورة وغير ذلك .
وإنه قد يستخدم الولاةُ هؤلاء الحركيين والإخوان الذين أظهروا التغير ليؤثروا بشعبيتهم على الناس فيصلحوا بعض ما أفسدوه من قدح في الدولة وغير ذلك، وهذا حسنٌ، لكن من غير تمكينهم، ولا تعزيزهم، ولا تمجيدهم؛ لئلا يغتر بهم آخرون.
ثالثًا/ أن كثيرًا منهم قد يظهر التغير والتحسن في عدم الدعوة للثورة خوفًا من الولاة، وفي المقابل يستمر على باطله في عدم الدعوة للتوحيد والسنة، وفي تحريف الشريعة وتبديلها باسم الحرية والتيسير، فيباشر الاختلاط المحرم، ويجوز الغناء المصحوب بالمعازف وغير ذلك، فيجب عدم الاغترار بهم، والاستمرار في مواجهتهم بالحجة والدليل لتحفظ الشريعة من تحريفهم ويسلم الناس من تغريرهم .
يا أهل السنة / لا يخدعنكم الحزبيون والحركيون، فإن المؤمن لا يخدع من جحر مرتين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» متفق عليه
وتذكروا نعمة الله عليكم وكيف أن الفتن ماجت بغيركم فشرقوا وغربوا، وأنتم ثابتون؛ لأنكم – بتوفيق الله – بمنهج السلف متمسكون .
فزيدوا همة ونشاطًا في الدعوة للمنهج الحق، وردوا واكشفوا شبهات أهل الباطل، وتعاونوا وتعاضدوا وفي الحق تناصروا.
أسأل الله أن يعز دينه ويعلي كلمته ويحيينا جميعًا على التوحيد والسنة ويميتنا على ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. عبدالعزيز بن ريس الريس
المشرف على موقع الإسلام العتيق
http://islamancient.com/
13 / 8 / 1438هـ