إن من أصول معتقد أهل السنة السائرين على طريقة السلف التي تكاثرت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في تقريرها : بغض الكفار والبراءة منهم لأجل دينهم الكفري الباطل قال تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقالل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فعلة وسبب عدم موادتهم ولا اتخاذهم أولياء أنهم كفار وهكذا كل كافر وإن كانوا آباء وإخواناً .
وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فعلة وسبب عدم اتخاذهم أولياء أنهم يهود ونصارى ، وهكذا كل يهودي ونصراني ، بل ثبت عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ” أخرجه مسلم . أي لا تفتحوا لهم الطريق، لماذا ؟ لأنهم يهود ونصارى . وهكذا الأدلة متكاثرة متواترة ، فإذا علم هذا فأشير إلى ما يلي :
1/ أن كل من لم يدين بدين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً ، قال تعالى ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ )
سماه الله مشركاً وإن كان لم يسمع كلامه بعد لأنه لم يدن بدين الإسلام . وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار ” سماه يهودياً ونصرانياً ، وإن كان لم يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل يهودي ونصراني بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار ، قال تعالى ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) جعل أهل الكتاب اليهود والنصارى كفاراً . وهذا فيه رد على ما ذكره / أحمد بن الإمام السلفي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – إذ قال: مع أن غير المسلم قد لا يكون بالضرورة كافراً فقد يكون ممن يتعبد الله باليهودية أو النصرانية ولم يسمع بالإسلام أو سمع به سماعا مشوها ـ وهو الغالب ـ أو سماعا لا تقوم به الحجة ا.هـ وليعلم أن في هذا الكلام تناقضاً ، إذ نفى عنه وصف الإسلام ووصف الكفر ، فيا ليته إذاً يخبرنا بما يوصف ، إذ الإسلام والكفر نقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان ، وحقاً إنه لعجيب أن يصدر مثل هذا من مسلم فضلاً عن ابن للإمام عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – .
2/ أنه لا تنافي بين عداء الكفار لأجل كفرهم وموادتهم المودة الطبعية لا سيما الأقارب والأزواج ، وكيف يكون في الأمر تناقضٌ وقد جاء من عند الله وفي كتابه ، وهو القائل ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) أي أن كتابه لا تناقض فيه بحال . وقد بين هذا أهل العلم . قال الحافظ ابن حجر( الفتح5/276): ثم البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الآية ، فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل والله أعلم ا.هـ
وقال الإمام سليمان بن عبدالله – رحمه الله – في كتابه تيسير العزيز الحميد ص299: وقد ثبت في الصحيحين أنها أنزلت في أبي طالب ، وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في حقه ، ويحبه حباً طبعياً لا حباً شرعياً ا.هـ وبنحوه قال الإمام ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في كتابه القول المفيد (1/352): ويجوز أن يحبه محبة قرابة ، ولا ينافي هذه المحبة الشرعية ا.هـ .
3/ ليس معنى عداء الكفار ظلمهم وقتل المعاهد منهم وخيانتهم وحرمة البيع والشراء معهم ، وهذا كله لا يجوز بحال ومخالف لصريح القرآن والسنة، ومن المؤسف أن يستغل بعضهم هذه النصوص في إلغاء عداوتهم الشرعية وعلى النقيض يأتي من يستغل النصوص الدالة على عداوتهم في تجويز قتل معاهدهم وظلمهم وأهل السنة وسط بين طرفي الإفراط والتفريط والغلو والجفاء (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) .
أسأل الله أن ينصر دينه ويعلي راية التوحيد والسنة .