لا جديد عند الأذناب
استمعت إلى مقطع صوتيّ تهجّم فيه أحد دكاترة الجامعات عندنا على السلف الصالح رحمهم الله.
فقد طعن في سادات هذه الأمة وشيوخها وأصحاب الفضل فيها، ثم لم تسكن حدّته وتهدأ سكرته إلا بالطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه -زعم- يحابي ابنته الزهراء رضي الله عنها على حساب الشرع في قصة علي رضي الله عنه لما أراد الزواج ببنت أبي جهل..!
لا يهمنا شخص المتحدث ولا إلى ما صار إليه حاله، ولكن يهمنا الآن تنبيه الغيورين على الدين ممن بيده الأمر وذوي اليسار والسعة من الوجهاء بأن يعتنوا بإنشاء أقسام متخصصة في الكليات الشرعيّة لتبيين حقائق الكتاب والسنة ورد الشبهات عن الشريعة، وهذه الشبهات ليست مستجدة ولا طارئة فهي معروفة ومكرورة، وكل ما ذكره صاحب المقطع الصوتي قد لاكه ومضغه المستشرقون وأذنابهم من قبله.
هي نفس الشبهات ونفس الوقائع التي يدندنون حولها، ويُكثرون من الطرق على أبوابها كقصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من صفية بنت حيي رضي الله عنها بعد مقتل زوجها وأبيها، وملابسات زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها بعد أن رآها وأعجبه حسنها.
وكذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة عن ذيل المرأة: يرخينه شبرا فقالت: إذا تنكشف أقدامهن؛ فقال: يرخينه ذراعا ولا يزدن.
فيُظهر هؤلاء الزائغون النبي صلى الله عليه وسلم يغيّر التشريع ويبدل الأحكام نزولا عند رغبة امرأته..!
ومثل هذا كثير مما يشيعه النصارى في مواقعهم وفضائياتهم وكذا غيرهم من أهل البدع والضلال والزندقة.
ويلمسُ الناظر في نتاج هؤلاء الذين يتلقّطون هذه الأفكار ويغترون بها من بني جلدتنا نبرة التعالي في أصواتهم وإضفاء الفخامة على عباراتهم وطريقة حديثهم، لأنّ أحدهم يُظهر نفسه وكأنّه ابن بجدتها وموقد نارها، وأنّ هذه الأقاويل من بنات أفكاره، وأنه ما بلغ هذه الأفكار إلا بتحقيق عال وتذاك لا نظير له، وهم يعرفون ونحن نعرف في حقيقة الأمر أنّهم نقلة لهذه الأفكار ومناديب لأساتيذهم المستشرقين.
المقصود أنّه ينبغي أن تنبري ثُلة من أهل العلم الفاقهين لكشف هذه الأباطيل وتقام أروقة متخصصة لدحض هذه المقالات، لكثرة تكرارها وازدياد المغترين بها ممن يظنّون أنفسهم شُداة للحقيقة وخارجين عن الأفكار السائدة والراكدة والمألوفة، وهم مقلدون جامدون على مقولات جاهزة بل وسراق لعبث وتخليط غيرهم.
كتبه محمد بن علي الجوني