لماذا نُصدم بالأشاعرة ؟!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد
قد يتفاجأ عوام الناس وغير المشتغلين بعلم العقيدة بمثل هذه المواقف التي كشحت عن عدائها ومحاربتها الصريحة لهذه الدعوة المباركة، لكن على المسلم المؤصل والمؤسس على عقيدة صحيحة أن لا يستغرب صدور هذه المواقف من المتربصين والمترصدين بدعاة الحق والسنةّ أيا كانت مسمياتهم وشعاراتهم.
أما كثير من عوام الناس ومن قبلهم بعض أهل الثقافة والفكر وحملة الأقلام فقد انخدعوا من قبل بمن هو شرّ من هؤلاء، وأحسنوا الظنّ بهم، فقد كانوا يستبشرون بحزب الله وأمينه العام الذي كان يطلق الصرخات المدوية من الضاحية مهددا ( أمويكا ) وحلفاءها.
من انخدع بحزب نصر الله الإيراني، وصار يصفق وراءه، ويهلل لانتصاراته الوهمية، كيف لا ينخدع بخطابات علماء الأشاعرة الخُلّص الذين كانوا يدعون إلى التساكت والتغافر عن أصول عقديّة عظيمة مختلف فيها.
ألم يُجمع علماء الأشاعرة في القرن الثامن على تضليل وتبديع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وإخراجه من السُنّة، وقضوا بالحكم بسجنه وتعزيره، ومنهم من حكم بكفره وزندقته ..!
ما الجديد في كلّ هذا ؟!
ولماذا نُصدم بمؤتمر الضرار هذا ؟!
ألم نكن نعرفهم، ونعرف عقائدهم في التوحيد والإيمان والأسماء والصفات والقدر والأسماء والأحكام، ونعرف حقيقة بُغضهم للدعوة السلفية، وممالأتهم لكل عدو حاقد موتور عليها.
إنّ جمهرةً من شيوخ الأشاعرة المعاصرين بل ومنذُ عقود خلت يطلقون على علمائنا مسمى الخوارج، ولا يصفونهم إلا بالقرنيين نسبة إلى قرن الشيطان، ويتهمون هذه الدعوة المباركة التي نشرت التوحيد ورفعت أعلامه وطمست معالم الشرك وزلزلت أركانه بأنها صنيعة الإنجليز وهذا ليس سرا، ولا أمر ينبغي أن لا يُذاع خبره، بل هم يشيعون هذه الأكاذيب والافتراءات، ويتتابعون على تناقلها في منتدياتهم وفي كتبهم ومحاضراتهم.
لذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عارفا بحقيقة مذهبهم؛ مدركا لوجوه انحرافه، فأقرّ أبا إسماعيل الهروي رحمه الله على قوله: إنّ الأشاعرة مخانيث المعتزلة كما أنّ المعتزلة مخانيث الفلاسفة.
لأنّهم لم يتمحّضوا في الاعتزال ولم يسلكوا سبيل أهل السنة، فأصبح حالهم كحال الخنثى المشكل الذي ليس بذكر ولا أنثى.
وجاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنّه قال: إنّ مذهب المفوضة من شر مذاهب أهل البدع والإلحاد.
ومن المعلوم أنّ مذهب السلف الصالح رحمهم الله في أسماء الله وصفاته هو إثباتها وإمرارها كما جاءت، وعلى الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
بيد أنّ التفويض هو مذهب معتمد عند الأشاعرة، والمقصود به تفويض معاني صفات الله وعدم إثباتها.
والقول بهذا يستلزم أنّ الله لم يبيّن لنا الحقّ ولم يوضحه لعباده، بل خاطبنا بخطاب لا نعقله، وهذه الطريقة المحدثة في تلقّي الأخبار والروايات الواردة في صفات الله تبارك وتعالى من شرّ الطرائق البدعيّة وأخبثها، لشناعة لوازمها، وقُبح ما تؤول إليه.
كتبه محمد بن علي الجوني