يقول السائل: ما الجواب على أمر أم المؤمنين حفصة بقتل الجارية التي سحرتها دون إذن أمير المؤمنين عثمان –رضي الله عنه-؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن من المتقرر عند العلماء، وعلى هذا المذاهب الأربعة أن الحدود وأحكام القتل لا يقوم بها إلا ولي الأمر، ولا يصح أن يقوم بها عامة الناس، ويدل لذلك أدلة، منها:
أن هذا الذي جرى عليه الرعيل الأول، وهو الذي ذكره أهل العلم.
والأمر الثاني: أنه لو قيل إنه لكل أحد أن يقيم الحد لترتب على ذلك الفوضى، وما أدى إلى محرم فهو محرم.
فلذلك الحدود لا يقيمها إلا ولاة الأمور ونوابهم، ففعل حفصة محتمل أن لها إذنًا من عثمان رضي الله عنه ومحتمل أنها أمرت بقتلها، فنفذ هذا عثمان رضي الله عنه، فهذا من حفصة محتمل، فلا تُرَدُّ الأدلة الواضحة بمثل هذه الاحتمالات.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب “إعلام الموقعين” تسعة وتسعين مثالًا على أن الأدلة المحتملة لا تُرَدُّ الأدلة الصريحة، بل تُردُّ إليها، وتُفسَّر الأدلة المحتملة والمشتبهة بالأدلة الصريحة.
وهذا معنى قول الله –عز وجل- : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7]، أما الراسخون في العلم فماذا يقولون؟ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [آل عمران:7].