ما الحكمة من طول أعناق المؤذنين يوم القيامة، رغم أن طول العنق بزيادةٍ يشوِّه شكل الإنسان؟
يقال جوابًا على هذا السؤال: ثبت في صحيح مسلم عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَطْوَلُ النّاسِ أَعنَاقًا يومَ القِيامَةِ المُؤَذِّنُونَ))، وهذا سيق مساق المدح والثناء، فدل على أنه فضيلة.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير معنى الحديث، وأظهر ما قيل – والله أعلم- ما نقله البيهقي عن أبي داود السجستاني: أن الناس يوم القيامة يشتد بهم العطش، حتى تنطوي أعناقهم، إلا المؤذنين؛ فإنهم لا يعطشون لذلك تبقى أعناقهم قائمة.
إذن طول أعناقهم ليس فيما يظن السائل أن تكون طويلةً جدًا، وإنما المراد أن تكون كما هي، وإنما عُبَّر عنها بالطول بالنسبة إلى غيرهم لما انطوت أعناقهم.
والحكمة في هذا – والله أعلم- ما ذكره شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى: أن المؤذن يعلو المكان العالي، فيرفع ذكر الله والتوحيد، والجزاء من جنس العمل، فإنه لما أعلى ذكر الله والتوحيد على أماكن عالية، أعلى الله وأقام عنقه، بأن تبقى عنقه قائمةً وطويلة، ذكر هذا رحمه الله تعالى في شرحه على “رياض الصالحين”.