يقول السائل: ما الضابط في قاعدة عموم البلوى؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن من القواعد الشرعية المهمة أن البلوى إذا عمت أوجبت التيسير، فما عمت به البلوى جاز، ويعبَّر عن هذه القاعدة بتعبير آخر وهو أن الحاجة إذا عمت تنزل منزلة الضرورة.
وهذه القاعدة ذكرها جمع من أهل العلم كالجويني، وابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه “بدائع الفوائد”، والسيوطي في كتابه “الأشباه والنظائر”، وابن نجيم في كتابه “الأشباه والنظائر”.
واستدل العلماء على هذه القاعدة بأدلة، منها: إجازة الشريعة للإجارة وللجعالة مع أن في الإجارة والجعالة جهالة، ومع ذلك أجازتها الشريعة؛ لأنك لو قلت لأناس: ضاع لي كذا وكذا، فمن وجده فله كذا وكذا، فإنهم سيبحثون، وقد يجدونه بعد يومين، أو يوم، أو أسبوع وهكذا، فمثل هذا مجهول، ومع ذلك أجازته الشريعة .
فقاعدة عموم البلوى، وقاعدة الحاجة إذا عمت تنزل منزلة الضرورة، قاعدة مهمة، وضابطها: هو ما احتاج الناس إليه، واشتهرت هذه الحاجة بين الناس، لا أن تكون خاصة، وإنما يكون الأمر اشتهر بين الناس، فإذا كانت كذلك فإنها حاجة عامة.
فما احتاج الناس إليه مما لا يبلغ درجة الضرورة، وليس من الكماليات والتحسينيات، فمثل هذا إذا كان الحاجة شائعة بين الناس، و بين أكثر الناس، أو بين كثير من الناس، فإنها تكون من الحاجة العامة.
والحاجة العامة تجيز في مثل هذه الحال المحرم، ومن المعلوم أن المحرَّم لا يجاز إلا بالضرورة، ويستثنى من ذلك الحاجة بهذه الصورة، وهي أن تكون حاجة عامة.
وينبغي أن يفرق بين الحاجة العامة، وبين الذنب والمعصية، الذي لا يحتاج إليه، فلو قال قائل: إن شرب الدخان قد شاع وانتشر بين الناس، وإن الغيبة قد شاعت وانتشرت بين الناس فإذا كانت كذلك فإنها تجوز؛ لأنها مما عمت به البلوى.
يقال: كلا، القاعدة فيما يحتاج الناس إليه.
وأؤكد أنها حاجة، لا ضرورة، وفي المقابل ليست من التحسينيات والكماليات، هذه خلاصة في بيان ضابط هذه القاعدة ودليلها.