يقول السائل: ما حكم طواف الحج والعمرة راكبًا على العربات لمن يستطيع المشي؟
الجواب:
أصح أقوال أهل العلم -والله أعلم- أن طواف الرجل راكبًا وهو قادرٌ على المشي جائز، وإن كان المشي أفضل، وإلى هذا ذهب الإمام الشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد، ويدل لذلك أنه لا دليل يمنع من الطواف راكبًا، ولو كان هناك ما يمنع شرعًا لبيَّنه رسول الله ﷺ.
ويؤكده ما ثبت في مسلم من حديث جابر أن النبي ﷺ طافَ راكبًا ليراهُ الناس. ففعل الطواف راكبًا لعلةٍ وهو أن يراه الناس وأن يقتدوا به، ولو كان الطواف لا يصح للراكب مع القدرة على المشي وَلَبيَّن لهم ﷺ أنه لا يجوز، وإنما فعله لأجل كذا وكذا …إلخ.
أما ما روى أبو داود من حديث ابن عباس أن النبي ﷺ طاف راكبًا لأجل مرضه، فلا يصح إسناده، بل هو حديث ضعيف، وقد ضعفه جماعة من أهل العلم كابن مفلح -رحمه الله تعالى-.
فالخلاصة: أن طواف الراكب لمن كان قادرًا على المشي جائز وإن كان خلاف الأفضل.
ومما ينبغي أن يُعلم أن ما كان كذلك فيصح فعله للحاجة، كاشتداد الزحام، لاسيما في هذه الأزمان، فقد كثُر -ولله الحمد- الحجاج والمعتمرون فأصبح على النساء ضررٌ، بل وعلى كثير من الرجال فضلًا عن كبار السن من الرجال والنساء، فلذا ركوبهم -والله أعلم- ليس مكروهًا، بل لحاجة إما أن تتقي المرأة الاحتكاك بالرجال أو أن يكون الرجل أو المرأة ضعيفين لكِبر السن أو غير ذلك، والقاعدة الشرعية: أن الكراهة ترتفع مع الحاجة.
إلا أني أُنبه إلى ما اشتهر قبل أيام من أن بعضهم يطوف راكبًا وقد جعل الكعبة عن يمينه، فتراه راكبًا في مؤخرة العربة وقد جعل ظهره إلى ظهر مَن أمامه، ومَن أمامه الكعبة عن يساره لكن هو الكعبة عن يمينه، ومثل هذا لا يصح طوافه عند أهل العلم كما ذهب إلى هذا الإمام مالك والشافعي وأحمد، لأن جعل الكعبة على اليسار لمن أراد أن يطوف شرطٌ كما فهم هذا أهل العلم.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.