إن المتأمل في واقع الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية ليرى عجباً إذ إنهم جميعاً يجعلون من مصادرهم في التلقي الكتاب والسنة التي أخبر الرسول-صلى الله عليه وسلم- أن من تمسك بهما فإنه لن يضل ويحيد عن الطريق,ومع ذلك تجد الخلاف الكبير بين هؤلاء المنتسبين للإسلام حتى في أمور العقائد والأصول التي لم يختلف فيها الصحابة– رضوان الله عليهم ـــ فيا ترى ما السبب في وجود هذه الخلافات والمرجع الكتاب والسنة؟؟
إن قضية الفهم لنصوص الكتاب والسنة هي التي أورثت هذه النزاعات والخلافات ,ذلك أن كل طائفة تفهم نصوص الوحيين وفقاً لفهم أئمتهم ومن ثم حصل ما حصل ولكل باحث عن الحق أن يسأل : ماهو الفهم الصحيح الذي علينا أن نأخذ به حتى يسلم لنا ديننا ولا نحيد عن الصراط المستقيم؟؟
وقبل الإجابة لابد أن نقرر أنه لا يمكن أن تكون هذه الفهوم مع تضادها وتنافرها صحيحة كلها فمنها الصحيح ومنها السقيم
وكذا لايمكن جعل المجال مفتوحاً لفهم النصوص وفقاً لعقول الناس, فالعقول مختلفة ومداركها متفاوتة وكل يزكي عقله مما يزيد الطين بلة إذن لنخرج من الأزمة الخانقة التي تعيشها أمتنا, لابد أن نتفق على كلمة سواء في فهم نصوص الوحيين,ويعمل الجميع من خلال ذلك كل في مجاله و لا شك في أن أسلم فهم وأحكمه وأعلمه إنما هو فهم السلف الصالح وأقصد بهم أصحاب القرون المفضلة التي زكاها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في قوله : “خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” متفقٌ عليه
ويدخل فيهم دخولاً أولياً الصحابة رضوان الله عليهم ثم من سار على طريقتهم في التلقي والاستدلال والعلم والعمل والأدلة على ذلك كثيرة,أذكر منها : قوله تعالى{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115
فجعل هذا الوعيد الشديد على مفارقة سبيل المؤمنين, والمقصود بهم الصحابة إذ هم المؤمنون في ذلك الوقت,يدل على وجوب اتباع سبيلهم في العقائد والعبادات والأخلاق قال تعالى: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة6-7,وقد فسر السلف-الصراط المستقيم وأهله- بأبي بكر وعمر وأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
ونحن ندعو الله في كل ركعة بأن نسلك سبيل أولئك القوم الذين كانوا أعرف الناس بالحق وأتبعهم له وذلك لأنهم شهدوا التنزيل وشاهدوا من هدي الرسول- صلى الله عليه وسلم – ما فهموا به التأويل السليم ويقول تعالى{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}التوبة100
فالمتبع لهم بإحسان هو الذي يحظى برضى الله سبحانه وتعالى,كما حظي به القوم قال تعالى {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ}البقرة137 فلن تحصل الهداية لأي أحد كائناً من كان إلا إذا آمن بمثل ما آمن به القوم بنص الآية حديث معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه – حيث قال: ألا إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قام فينا فقال: “ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة” رواه أحمد وغيره فالجماعة المقصودة هم الصحابة-رضوان الله عليهم- الذين فهموا نصوص الكتاب والسنة وعملوا بها على مراد الله سبحانه و مراد رسوله – صلى الله عليه وسلم – وفي رواية أخرى عندما سئل عنهم قال صلى الله عليه وسلم : “من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي “. عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد”رواه مسلم
قال ابن القيم : وجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه وكنسبة النجوم إلى السماء, ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ماهو نظير اهتدائهم بنبيهم- صلى الله عليه وسلم – ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم، عن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال : صلى بنا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟, فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة” قال ابن القيم : وهذا حديث حسن إسناده لابأس به ,فقرن سنة خلفائه بسنته وأمر باتباعها,كما أمر باتباع سنته وبالغ في الأمر بها حتى أمر بأن يعض عليها بالنواجذ,و هذا يتناول ما أفتوا به وسنوه للأمة وإن لم يتقدم من نبيهم فيه شيء,وإلا كان ذلك من سنته.
قال ابن مسعود- رضي الله عنه – “من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة” أولئك أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم – كانوا أفضل هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم “. قال الإمام أحمد – رحمه الله -:[ أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم – والاقتداء بهم ] فإثبات الأحكام الشرعية لايجوز إلا بهذه الأصول الثلاثة كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – على فهم السلف الصالح,كما ذكر ذلك ابن تيمية -رحمه الله – فمن أراد النجاة في الدنيا والآخرة فليطبق الإسلام في عقيدته وعبادته وأخلاقه,كما طبقه الصحابة الكرام, وليفهمه كما فهموه فهو الإسلام الصحيح والدين الحق الذي أنزل على محمد- صلى الله عليه وسلم- ولن يصلح آخر الأمة إلا بما أصلح أولها,كما قال الإمام مالك – رحمه الله –
وأضرب لذلك مثالاً يتضح به أهمية فهم السلف وكونه فاصلاً ومزيلاً للإشكالات,قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } النساء103 فنجد طائفة من المسلمين بعد الصلاة يتراقصون في المساجد,يقومون ويقعدون ذاكرين لله – زعموا – استدلالاً بهذه الآية من كتاب الله فما عسانا نقول لهم؟؟ إنه لا يمكننا بيان ماهم عليه من باطل إلا بالاستعانة بعد الله بفهم السلف الصالح فنقول لهم : هذه الآية نزلت على الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقرأها هو و صحابته,فهل فهموا منها ما فهمتم؟؟
بالطبع الجواب : لا,لأنهم لو فهموا ذلك من الآية لكانوا أول من يفعله ويطبقه ونحن نعلم جزماً أنه لم يفعل ذلك أحد منهم ,إذ لو فعلوه لنقل إلينا فعدم النقل دليل على عدم الفعل وعدم الفعل دليل على أن هذه غير مراد الله تعالى من الآية
ورسوله – صلى الله عليه وسلم – أعلم الناس بمراده تعالى ثم صحابته من بعده وبهذا يتبين أن فهم هذه الطائفة لهذه الآية على هذا النحو فهم سقيم مجانب للحق والصواب ,ثم لنطبق ذلك على مسألتين مما يكثر التكفيريون على منهج الخوارج الدندنة حولهما متبعين في ذلك غيرسبيل المؤمنين ,ألا وهما مسألتا ( الحكم بغير ما أنزل الله وموالاة الكفار)فهم كما كان عليه أسلافهم من الخوارج الأول يستدلون بآيات ويفهمونها بفهمهم لا بفهم الصحابة – رضوان الله عليهم –
فتجدهم يكفرون بالحكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق دون تفصيل مستدلين على ذلك بقوله تعالى{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44 ولو أخذنا بفهمهم للزم عليه تكفير كل من عصى الله سبحانه وتعالى, إذ الأمر ليس مقصوراً على الحاكم وهذا ما وقعوا فيه لسوء فهمهم, ولكن أين أنتم من فهم السلف للآية فقد فسرها ابن عباس – رضي الله عنه – بأنها :كفر دون كفر,قال:هي به كفر ولكن ليس كفراً بالله وملائكته,وفي رواية: ليس الكفر الذي تذهبون إليه أي أنه كفر أصغر وليس كفراً أكبر,ولا يكون أكبراً إلا في حالات ذكرها علماؤنا الكبار أمثال الشيخ:محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين والمحدث الألباني وغيرهم من علماء السنة وهي :
الحالة الأولى:أن يعتقد أن القوانين الوضعية أفضل من الشريعة الإسلامية
الحالة الثانية: أن يعتقد أنها مساوية للشريعة الإسلامية
الحالة الثالثة: أن يعتقد أن الشريعة غير صالحة لهذا الزمان
الحالة الرابعة: أن يعتقد عدم وجوب الحكم بشرع الله وجواز الحكم بغير ما أنزل الله
ففي هذه الحالات نقول كما قال عُلماؤنا : إنه كفر أكبر مخرج من الملة ولا كرامة , أما ما سوى ذلك فهو مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب لكنه ما زال في دائرة الإسلام وفيه من الفسق والظلم بقدر ما خالف شرع الله، وأوصي بالرجوع لكتاب ( الحكم بغير ما أنزل الله ) لأخينا الفاضل الشيخ بندر العتيبي فقد أجاد وأفاد في مناقشته لهذه القضية وقدم له الشيخ : محمد بن حسن آل الشيخ عضوالإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء.
أما قضية الموالاة فهم كذلك يكفرون بمطلق الموالاة غافلين أو متغافلين عن تقسيم أهل العلم للموالاة وأن منها ما هو كفر مخرج من الملة ومنها ما هو دون ذلك وإليك التفصيل مع الدليل :
القسم الأول : تولي الكفار بمعنى موالاتهم موالاة مطلقة عامة , بحيث يحبهم ويوادهم ويفرح بنصرهم على المؤمنين رضا بما هم عليه , فهذا لاشك في كفره الكفر الأكبر , قال الله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة51 , والآيات في موالاة الكفار وتحريمها كثيرة جداً
يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمه الله – : ” قد فسرته السنة وقيدته و خصته بالموالاة المطلقة العامة “
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” إن كان تولياً تاماً كان ذلك كفراً وتحت ذلك من المراتب ما هوغليظ وما هو دونه” وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في شرح الأصول الثلاثة : ( ولأن موالاة من حاد الله ومداراته تدل على أن ما في قلب الإنسان من الإيمان بالله ورسوله ضعيف. وموالاة الكفار تكون بمناصرتهم ومعاونتهم على ما هم عليه من الكفر والضلال , وموادتهم تكون بفعل الأسباب التي تكون بها موادتهم , فتجده يوادهم أي يطلب ودهم بكل طريق وهذا لاشك ينافي الإيمان كله أو كماله )اهـ
القسم الثاني : أن تكون الموالاة لمصلحة خاصة فردية أو جماعية وليس هناك ما يضطر المسلم لموالاتهم كالخوف فهذا من أكبر الكبائر ولكنه ليس كفراً، ودليل ذلك قصة الصحابي حاطب بن أبي بلتعة – رضي الله عنه – حيث كتب إلى قريش يخبرهم بمقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحبه إليهم فأوحى الله إلى نبيه – صلى الله عليه وسلم – بخبره فأتي بالكتاب وصاحبه فقال الرسول – صلى الله عليه وسلم – يا حاطب ما هذا ؟ فقال : يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت حليفاً لقريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي , ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال – صلى الله عليه وسلم – : “أما هذا فقد صدقكم ” متفق عليه
فانظر كيف أن الخطاب للمؤمنين ويدخل فيه ابتداءً حاطب – رضي الله عنه – وكذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استفصل منه ولم يكفره لمجرد فعله إذ لو كانت الموالاة كفراً بكل حال لما احتاج الأمر إلى الاستفصال , كما فعل مع المستهزئين في تبوك , ونقل ابن تيمية – رحمه الله – أن الإجماع قد انعقد على عدم وقوع أهل بدراً في مكفر وكان حاطب ممن شهد بدراً فدل على أن فعله هذا ليس مكفراً.
القسم الثالث : أن يضطر إلى موالاة الكفار بسبب خوف متحقق وهذه حالة استثنائية ورد النص على جوازها , لكن تكون في الظاهر دون الباطن , قال تعالى : {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ }آل عمران28
قال ابن كثير – رحمه الله – : ” أي إلا من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه و نيته ” فعلم مما تقدم أنه ليس كل موالاة لكافر كفر , هذا بالنسبة لتأصيل المسألتين من ناحية الأفعال , أما بالنسبة للأعيان “الأشخاص” فالأمر أشد فلو افترضنا وقوع أحد في شيء مما حكمنا بأنه كفر أكبر فإنه لايكفر حتى تقام عليه الحجة , وذلك بأن تتوافر الشروط وتنتفي عنه الموانع أما المخالفون فلا يفرقون بين تكفير النوع “الفعل أو القول” وتكفير العين “الشخص” فعندهم كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه , مخالفين في ذلك سبيل علماء السنة الذين قرروا بأنه لا يلزم من وقوع المسلم في الكفر وقوع الكفر عليه و الشروط هي : العلم والاختيار والقصد وانتفاء التأويل السائغ والموانع ضدها , وهي :
•- الجهل , فلا يكفر الجاهل قال تعالى : {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115
فمن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما ظهر له الحق يستحق الوعيد ومن لم يظهر بخلافه
وكذا حديث ذات أنواط فعذرهم جهلهم لحداثة عهدهم بالإسلام
•- الإكراه , قال الله تعالى : {ِإِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} النحل106
•- الخطأ “عدم القصد” بأن يصدر منه القول أو الفعل بلا إرادة إيقاعه , كذلك زلة اللسان والسهو ونحوهما , قال تعالى : {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}البقرة286 , وما ثبت في قصة ذلك الرجل الذي أضل راحلته بفلاة فقال عندما وجدها : اللهم أنت عبدي و أنا ربك أخطأ من شدة الفرح
•- وجود التأويل السائغ , ودليل ذلك قصة عثمان بن قدامة ومن معه من الصحابة الذين استحلوا شرب الخمر متأولين قوله تعالى : {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة93 فقالوا : نحن مؤمنين متقين فلا جناح علينا فيما طعمنا
والشروط المتقدمة كلها موجودة في حقهم ولم يدفع عنهم التكفير إلا تأولهم للآية ومثل هؤلاء تزال عنهم الشبهة ثم إذا أزيلت ولم يعودوا يطبق عليهم الحكم , والذي يطبق الحكم في هذا كله هم أهل العلم الراسخين فيه وليس ذلك لصغار السن والأغرار من الشباب الذين لا يدركون الأمور وملابساتها
وبناء على ما تقدم فلا يتسرع متسرع في إطلاق أحكام التكفير على غير هدى من الله وليتق المسلم ربه في إطلاق لسانه في أديان المسلمين , يكفر ويبدع ويفسق تبعاً لهواه أو فهمه الخاطئ , ولأن كان المتكلم في عرض المسلم بلا حق يستحق التعزير فالمتكلم في دينه بلا حق أولى بالعقوبة منه ويكفي في ذلك ما ورد من الوعيد الشديد على من أطلق الكفر على أخيه : ” من قال لأخيه يا كافر أو يا عدو الله فقد باء بها أحدهما فإن كان كذلك وإلا حارت على صاحبها “
فلنعد بفهم سلفنا الصالح لنصوص الوحيين يسلم لنا ديننا فهو الحد الفاصل بين أهل السنة والجماعة حقاً مصدقاً و بين سائر الفرق والجماعات الإسلامية المخالفة