يقول السائل: ما صحة هذين الحديثين: «كان النبي ﷺ إذا استهل هلال رمضان، أقبل على الناس بوجهه ثم قال: اللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام» إلى آخره. أما الحديث الثاني قال ﷺ: «أتاكم رمضان، شهر يغشاكم الله فيه، فيُنِزل فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي فيه من حرم رحمة الله».
يُقَالُ جوابًا على هذا السؤال: أما الحديث الأول فلا يصح عن النبي ﷺ، فقد جاء معنى هذا الحديث من حديث ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه، وجاء من حديث طلحة بن عبيد الله، وكُلُّ هذه الأحاديث لا تصحّ عن رسول الله ﷺ.
أما حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه الذي رواه الترمذي فإن في إسناده سليمان بن سفيان القرشي، وقد تفرَّد بهذا الحديث.
وقد عَدَّ هذا الحديث من مناكيره المزِّيُّ رحمه الله تعالى في كتابه “تحفة الأشراف” وبيَّن ضعفه.
وكذلك العقيلي رحمه الله تعالى في كتابه “الضعفاء” لما ذكر هذا الحديث عَدَّه من مناكيره، فهو لا يصح عن النبي ﷺ.
وكذلك جاء الحديث بمعناه عن ابن عمر رضي الله عنه، أخرجه الدارمي وابن حبان لكن في إسناده عبد الرحمن بن عثمان وهو ضعيف، ثم عبد الرحمن بن عثمان يرويه عن أبيه عثمان بن إبراهيم، وبيَّن أبو حاتم في كتابه “الجرح والتعديل” أن عبد الرحمن بن عثمان يروي عن أبيه عثمان مناكير. قال: “يروي عن أبيه أحاديث منكَرة” فهذا مما يزيد الحديث ضعفًا.
فإذًا؛ هذا الحديث أيضًا لا يصحُّ عن رسول الله ﷺ، وأصحُّ ما رأيت فيما رُوِي فيما يقال عند دخول هلال – أي: شهر- هو ما ثبت عند ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما « أنه كره أن يُنتَصب للهلال، ولكن يَعرِض، ويقول: الله أكبر، والحمد لله الذي أذهب هلال كذا وكذا، وجاء بهلال كذا وكذا»، هذا أصح ما رُوِي، وهو ثابت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
لكن أنبِّه أنه ليس خاصًّا بشهر رمضان، بل هو عامٌّ في كُلِّ شهر.