ما معنى الحديث: ((الفقه يامان، والحكمة يمانية)) ؟
يقال: هذا الحديث أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان يامان، والحكمة يمانية))، ولفظ مسلم: قال: ((الإيمان يامان، والفقه يامان، والحكمة يمانية)).
وفهم هذا الحديث يرجع إلى فهم معنى “اليمن” في هذا الحديث، وقد تنازع العلماء نزاعًا طويلًا في تحديد معنى “اليمن” في الحديث.
وكثيرٌ من أهل العلم ذهب إلى أن معنى “اليمن” هم الأنصار، ورجَّح هذا أبو عبيد – رحمه الله تعالى – في كتاب “غريب الحديث”، وعزاه إلى كثيرٍ من أهل العلم.
وفي المسألة أقوال أخرى.
ومن العلماء من رجح أن معنى “اليمن” هو اليمن المعروف، كما هو قول النووي، وابن الصلاح، وابن حجر، والمناوي، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
وفي المسألة بحث ليس هذا مَوضعه؛ لكن المقصود أن معرفة معنى هذا الحديث يرجع إلى تحديد معنى “اليمن”.
ومما أحب أن أنبه عليه، وقد أفاد هذا النووي وغيره: أن هذا الحديث إنْ أُريد به اليمن المعروف، فليس وصف مدح لهم لجميعهم إلى يومنا هذا؛ بل هو مدح لمن ورد الحديث فيهم، مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد هذا، فمعنى قوله: ((الإيمان يامان)) أي: أن الإيمان نُصِر من أهل اليمن، إذا حمل على: أن معناه الأنصار، فالأنصار قد نصروه، وأُطلق على الأنصار بأنهم أهل اليمن بالنظر إلى أصلهم، كما ذكر هذا غيرُ واحدٍ من الشراح، ومنهم أبو العباس القرطبي صاحب “المفهم”.
وإنْ حُمِلَ على اليمن المعروف في الخطاب كان لمن جاءهم من اليمنيين، وبيَّن بأنهم أهل إيمان، وتمسكٍ بالإيمان.
و((الفقه يامان)) على ظاهره أنهم أهل فقه ومعرفة بدين الله.
((والحكمة يمانية)) هذا شيٌء زائد عن الفقه، وهو العمل بالعلم لما تقتضيه الحكمة، هذا ما أشار إليه المناوي في كتابه “فتح القدير”.
أسال الله أن يوفق أهل اليمن، وأن يعصمهم من الفتن، وأن يجمع شملهم على التوحيد والسنة، وأن يكسر الرافضة وأعوانهم بقوته، وهو القوي العزيز.