بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فتتلخص أحكام العيد فيما يلي :
1/ يُستحبُّ الاغتسال يوم العيد لآثار الصحابة والإجماع فقد ثبت في كتاب الأم عن علي بن أبي طالب وفي الموطأ عن ابن عمر-رضي الله عنهما- وحكى الإجماع ابن عبد البر –رحمه الله-،
ومن ذلك التطيب للعيد كما نقل مالك عن أهل العلم استحبابه.
2/ يُستحَبُّ أن يلبس في يوم العيد أحسن الثياب، كما ثبت عند البيهقي عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه يوم العيد ويتجمل ، وهذا مذهب جماهير أهل العلم.
3/ يُستَحبُّ لمن أراد أن يخرج لعيد الفطر: أن يأكل تمرات، كما ثبت في البخاري عن أنس قال: «كان النبي ﷺ إذا أراد أن يخرج يوم العيد يأكل تمراتٍ»، وعلَّق البخاري روايةً: «يأكلها وترًا» وعلى هذا المذاهب الأربعة .
4/ يُستحبُّ من أول خروجه أن يكبِّر ويستمر مكبرًا في مصلاه حتى يخرج الإمام ، ثبت هذا عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- أخرجه الفريابي والدارقطني .
أما ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن التكبير يكون من ليلة العيد فهذا خلاف قول جماهير أهل العلم، وخلاف القول المعروف عن الصحابة و التابعين، كما بينه ابن المنذر-رحمه الله-.
والتكبير ليس خاصًّا بالرجال بل هو للنساء أيضًا، فقد علَّق البخاري عن ميمونة: «أنها كانت تكبِّر»، وفي حديث أم عطية الذي أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري قال: «ويكبِّرن النساء».
وأيضًا علَّق البخاري: «أن النساء يكبِّرن مع الرجال في وقت عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه وأرضاه-».
5/ أصحَّ ما ورد في الصِّيَغ التي يكبَّر بها – والله أعلم- ما ثبت عن ابن مسعود وأصحابه عند ابن أبي شيبة أنهم كانوا يقولون: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»، فيكبِّر بهذه الصيغة ، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد وهو قول لمالك.
6/ يُستحَبّ أن يذهب لمصلى العيد من المسجد بعد ” صلاة الفجر” كما ثبت عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- فيما أخرجه ابن أبي شيبة: وهذا قول مالك والشافعي وأحمد.
7/ يُستحبُّ أن يذهب ماشيًا، كما ثبت عن الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عند ابن أبي شيبة. وعليه المذاهب الأربعة.
8/ يُستحَبُّ أن يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر، كما ثبت في البخاري عن جابر قال: «كان النبي ﷺ إذا كان يوم العيد خرج من طريقٍ، ورجع من طريق آخر»، وهذا قول المذاهب الأربعة.
9/ يُستحبُّ للعيد خطبتان بالإجماع حكاه ابن حزم، وهو الذي عليه السلف، وعليه المذاهب الأربعة.
10/ يُستحَبُّ أن يبتدئ الخطبة بالتكبير لا بالحمدلة، وهذا الذي عليه المذاهب الأربعة، وعليه كلام العلماء الأوَّلين من التابعين ومن بعدهم، أنهم يبتدئون الخطبة بالتكبير، ومنهم من يرى كالشافعي أن يأتي بالحمدلة بعد التكبير، وهذا هو الظاهر – والله أعلم- .
أما ما شاع من الابتداء بالحمدلة دون التكبير فهذا خلاف قول السلف-رحمهم الله تعالى-.
11/ يُستحَبُّ للإمام إذا صلى بالناس صلاة العيد أن يكبِّر في الركعة الأولى سبعًا مع تكبيرة الإحرام، وأن يكبِّر في الثانية خمسًا دون تكبيرة الانتقال، وهذا ثابت عن جمعٍ من الصحابة، وهو الذي عليه الفقهاء السبعة، وهو قول أهل المدينة.
وروى أبوداود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، : «أن النبي ﷺ كان يكبِّر في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم» صححه البخاري.
12/ يُستحَبُّ بين التكبيرات أن يذكر الله، كما ثبت عن عطاء عند عبد الرزاق.
وقرر ذكر الله بين التكبيرات الشافعي وأحمد في رواية.
13/ يستحب دعاء الاستفتاح بعد التكبيرة الأولى كبقية الصلوات وهذا قول الشافعي وأحمد في رواية.
14/ يُستَحبُّ للإمام ومن خلفه أن يرفعوا أيديهم مع كل تكبيرة، كما ثبت عن عطاء عند عبد الرزاق، وهو قول أحمد والشافعي.
15/ لا يستحب على أصح أقوال الصحابة وأهل العلم أن يصلِّي قبل العيد شيئًا ولا بعدها، كما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس: « أن النبي ﷺ صَلَّى العيد ركعتين، لم يُصلِّ قبلهما ولا بعدهما» .
أما ما جاء من حديث أبي سعيد: «أنه إذا رجع صلى ركعتين في البيت»، فهذا لا يصح – والله أعلم-؛ لأن في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، ومثله لا يُقبَل ما تفرَّد به.
16/ يُستحبُّ أن تكون صلاة العيد في المصلَّى- في أرضٍ فضاء- لا في المساجد؛ لِمَا ثَبَت في الصحيحين من حديث أبي سعيد: «أن النبي ﷺ خرج بهم في العيد إلى المصلى »، وهذا قول أبي حنيفة ومالك وأحمد.
17/ من فاتته صلاة العيد فله أن يقضيها ركعتين، ثبت عن أنس –رضي الله عنه- أنه لما فاتته صلاة العيد قضاها، فلذلك تُقضَى صلاة العيد كغيرها من الصلوات، والقضاء يحاكي الأداء بأن يكبِّر في الأولى سبعًا، ويكبر في الثانية خمسًا.
ولو قُدِّر أنه جاء إلى المصلَّى والخطيبُ يخطب، لكن فاتته الصلاة، فالأفضل أن يستمع للخطبة، فإذا انتهت الخطبة يقوم ويصلِّي، ولو وجد معه من يصلي جماعة فهذا أفضل، ويكبِّر سبعًا في الأولى، وخمسًا في الأخرى، ولو قُدِّر فاتته الركعة الأولى، فإنه يقضيها ويكبِّر سبعًا.
18/ ويستحب إحياء ليلة عيد الفطر والأضحى ، وهذا عند المذاهب الأربعة وهو قول الشافعي والإمام أحمد ، أما ليلة الأضحى فلأنها من عشر ذي الحجة التي يستحب قيامها وإحياء ليلها ، أما ليلة الفطر فيدل لذلك ما ثبت عند ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأسود أنه يقوم ليلة الفطر ، وذكر النووي رحمه الله تعالى أن إحياءها يكون بقيام معظمها، ويكون بذكر الله والصلاة وغيرهما من الطاعات.
19/ يستحب يوم العيد إذا لقي الناس بعضهم بعضًا أن يقولوا: تقبل الله منا ومنكم.
لما روى المَحاملي بسند حسن عن جبير بن نفير قال: “كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا في العيد يقولون: تقبل الله منا ومنكم”
حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح، وذهب إلى هذا الإمام أحمد في رواية وقال الإمام مالك: عليه عمل الناس وكانوا يستحبون ذلك .
20/ الأعياد عند المسلمين عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، كما ثبت عند أبي داود والنسائي من حديث أنس: «أن النبي ﷺ قَدِم المدينة، ولهما يومان يلعبون فيهما، قال: «قد أبدلكما الله بهما خيرًا منهما، يوم الفطر والأضحى».
فليس للمسلمين إلا عيدان فلا عيد ميلاد ولا عيد زواج ولا عيد وطني.
وهذان العيدان يحرم صومهما، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد.
ويجوز للنساء في العيد أن تضرِب الدُّفَّ لا الطبل، فإن هناك فرقًا بين الدف والطبل، فالطبل يكون مغطَّى مِن جِهتَين، أما الدف فمِن جِهةٍ واحدة.
وما شاع عند كثيرين من أنهم في أيام العيد يجتمعون تجمّعاتٍ، فيها معازف وموسيقى؛ فإن هذه محرَّمة.
وينبغي لنا أن نُقابِل نعمةِ إتمام العدة بشكر الله عليها لا أن نَكْفُر هذه النعمة، بأن نقابلها بما حَرَّم الله من الموسيقى وغيرها أو الاختلاط بين الرجال والنساء أو بخروج النساء إلى العيد متبرِّجة، أو متجمّلة، أو متطيِّبة، أو بعباءةً مطرزَّة مجمَّلة أو مخصَّرة، أو على الكتف؛ فإن كل هذه الأمور محرَّمة، ولا تجوز ؛ فإن العباءة شرعت للستر لا للتجمل ولفت النظر.
وأعجب لرجلٍ يمشي مع زوجته أو أخته، وقد تجمَّلت بعباءتها، فأين القَوامة الرجولة والغيرة؟!
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعل أعيادَنا عِزًّا للتوحيد والسنة، وأن يُعِزَّنا بالتوحيد والسنة، ويجعلنا من أنصارها؛ إنه الرحمن الرحيم.
وكتبه : د. عبد العزيز بن ريس الريس