مناقشة معالي الشيخ صالح آل الشيخ في ترك الاشتغال بالجماعات الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انتشر مقطع للشيخ صالح آل الشيخ -وزير الشؤون الإسلامية سابقا- قد عنون له بموضوع مستقر في قلوب عوام الموحدين منذ بعث رسول الله ﷺ وحتى اليوم وهو الصراع بين الإسلام والكفر .

فلما لاحظت سرعة وكثرة انتشاره استمعت إليه وسمعت عجبا لم أكن أتوقع أن يصل الأمر بصاحبه إلى هذه الدرجة مع أن له هنات قبلها – سأشير لها في نهاية المقال – وأخذت ألتمس له الأعذار وقتها لعل وعسى وربما أنها زلة أو لكذا وكذا إلخ

ومن باب الإنصاف فقد كان له سابقة في التحذير من الجماعات الضالة وخصوصا جماعة الإخوان التي تكلم فيها قديما بكلام يندر التصريح بمثله في ذلك الوقت فإذا هو في هذا المقطع للأسف الشديد يتبنى منهجهم المنبثق من قاعدتهم الفاسدة :
نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .!!
وملخصه:
التثبيط عن الرد على العدو الداخلي المتمثل في الفرق الضالة والمخالفين ممن تصدروا للعلم لأجل مواجهة العدو الخارحي !!!!

بل يصف من يرد على الفرق بقوة بأنه لايعي المعركة !!! ثم أخذ يدور حول هذه النقطة ويعيد ويكرر ويثبط عن النقد للآخرين والرد على المخالفين !!!

بينما كان الرد على المخالفين عند السلف منقبة وكلما كان العالم أشد على المبتدعة كلما كان أزكى له عندهم وعُد ذلك في فضائله.

ألا يعلم بأن الخطر الأشد هو من أهل الباطل الذين يلبسونه لباس الحق فيلتبس على العامة فيضلوا؟!!

ألا يعلم أن وجود الفرق والجماعات سبب لضعفنا أمام أعدائنا من اليهود والنصارى والماسون وغيرهم ؟!!
فلأجل ذا تجد السلف رضوان الله عليهم يرون جهاد أهل البدع مقدم على جهاد الكفار:
وقد ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال:
(قتالهم ـ أي الخوارج ـ أجلّ عندي من قتال عِدَّتهم من الترك)
رواه ابن أبي شيبة (15/303) وأحمد (3/33).
*وقال ابن هبيرة في حديث أبي سعيد في قتال الخوارج: *
*وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين *

*والحكمة فيه أن قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، *
*وفي قتال أهل الشرك طلب الربح؛ *
وحفظ رأس المال أولى ”
فتح الباري لابن حجر (12/301).

ألا يعلم أن القوة والنجاة في اجتماع الكلمة على السنة ومنهج السلف والشتات والتشذرم والوهن والضعف في السكوت عن أهل البدع حتى ينتشروا في الأمة فيشغلوها عن عدوها الخارحي ؟!!

ألا يعلم أن العدو الخارجي لن يضرنا شيئا متى ماكنا على الحق ثابتين ( وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا )؟!

ألا يعلم بأن العدو الخارجي مازال يتسلل من خلال الفرق والجماعات المبتدعة للنفاذ إلى حصوننا الداخلية ؟!!

ألا يعلم أن أفكار الفلاسفة وعقائدهم غزتنا عن طريق الجهمية والمعتزلة وأن التتار دخلوا بلاد المسلمين عن طريق الرافضة وأن الصوفية تواطؤا مع الاستعمار وأن جماعة الإخوان تواطؤا مع الغرب الكافر فيما سمي بالربيع العربي والذي كان خريفا ودمارا للدول العربية ولم تدفع فيه دول الكفر بجيوشها اكتفاء بهؤلاء الذين يثبط صاحب المقطع عن الرد عليهم ؟!!

أغاب عن ذهنه أن من أكبر الحملات على العالم الإسلامي ومن أشد الأوقات الحرجة والضعف الشديد ماوقع في عصر ابن تيمية من اجتياح المغول لبعض بلاد المسلمين ومع ذلك فقد رأينا مواقف ابن تيمية ذلك العالم السلفي الذي لم تلد النساء بعده مثله حتى يومنا حيث قارع الفرق المبتدعة بقوة لا نظير لها وحجج دامغة لم يصمدوا أمامها فلاتكاد تجد فرقة مبتدعة إلا وقد أصابها بسهامه وبعضها مجلدات كاملة في الرد على فرقة ضالة أو رأس من رؤوس أهل البدع مع ما حصل في وقته من الأعداء الخارجيين !!!
بل وصل الأمر في بداية اجتياح التتار للشام أن قام بعض القبوريين لمواجهتهم فنهى شيخ الإسلام عن ذلك لأنه يعرف بأن وجود هؤلاء بعقائدهم المخالفة سبب للهزيمة حيث كان شعارهم :

ياخائفين من التتر

لوذوا بقبر أبي عمر

حتى ربى ثلة من أهل التوحيد على السنة وواجه بهم العدو الخارجي وقال في بداية المواجهة :
والله لننتصرن
قيل له : قل : إن شاء الله
فقال : إن شاء الله تحقيقا لاتعليقا.

انطلاقا من قوله تعالى:” إن تنصروا الله ينصركم ” ويقينا بقوله تعالى:” ولينصرن الله من ينصره ”

فمن أراد النصر على العدو الخارجي لابد أن ينتصر أولا على العدو الداخلي .

وقد حاول صاحب المقطع في فترة سابقة كما يزعم احتواء الحزبيين فحصل العكس تماما ومكنهم في مواقع وثغور كانوا أحق بمنعهم منها لعظيم تأثيرها على الناس .

وللأسف الشديد أن صاحب هذا المقطع قد صدر منه عبارات يزكي فيها الأزهر عقديا إذ قال :

إن المملكة وعلماءها ينظرون دائما إلى الأزهر على أنه قلعة شامخة كبيرة من قلاع أهل السنة والجماعة!!!!

وهذا من غرائب هذا العصر !!!

أيقول سني عرف معتقد أهل السنة وعرف معتقد الأشاعرة هذا الكلام الباطل ؟!!

بل والله إنه من قلاع أهل البدع من الأشاعرة والصوفية .

فاللهم لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا اللهم ثبتنا على التوحيد والسنة حتى نلقاك اللهم اجعلنا ممن أردت به خيرا ففقهته في دينك اللهم ارزقنا الإخلاص وحسن الاتباع .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صبيحة الخميس ٢٩ ذوالقعدة ١٤٤٠
د .عبد الرحمن العبد الله


شارك المحتوى:
1