يقول السائل: رجلٌ كان يقود سيارة، ثم انقلبت السيارة، فمات رجل، وبقي قائد السيارة، فهل عليه صيام؟ وإذا كان عليه صيام لكنه لم يستطع الصيام، فماذا يفعل؟
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن من قتل نفسًا سواء كانت مسلمة أو كافرة، أو تسبب في ذلك، فإن عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين، كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [النساء:92].
ثم قال سبحانه بعد ذلك: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء:92].
فإذًا من قتل نفسًا، أو تسبب فيها، فإن عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين، وتقدم أن هذا للمسلم وللكافر غير الحربي، وقد ذكر العلماء أن هذا فيمن فرَّط، أي: من تسبَّب مفرِّطًا، أو قتل بتفريط.
فلو قُدِّر أن رجلًا يقود سيارة، وأسرع السرعة الشديدة، فمات هذا الرجل الذي معه فهو مفرِّط بسرعته الشديدة، أو كان في العجلات عطب، ولم يبالِ بذلك فقد فرط إلى غير ذلك من أسباب التفريط.
فمن ثبت تفريطه فهو الذي عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فعليه الصيام، ومن لم يثبت تفريطه فلا كفارة عليه، ذكر هذا الإمام مالك، والمالكية، وذكره الشافعي في أحدِ قَولَيه، وذكره الحنابلة.