بسم الله الرحمن الرحيم
** مهلًا يا سليمان الخراشي مهلًا **
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه …. أما بعد :
طلع علينا الشيخ سليمان الخراشي هداه الله بمقال بعنوان (( هل كان الشيخ محمد قطب أشعريًا )) وهو رد بزعمه على كلام للشيخ حماد الأنصاري رحمه الله الذي وصف محمد قطب بالأشعرية وعلم الكلام والفلسفة, ولم يكتف الشيخ سليمان الخراشي هداه الله بذلك, بل وصوّر الضلالات العظيمة والبدع الجسيمة عند محمد قطب على أنها مجرد مؤاخذات أخذت عليه من العلماء !!؟
عجبت لهرج من زمان مضلل …
ورأي لألباب الرجال مغير
فلا يعرف المعروف فيه لأهله …
وإن قيل فيه منكر لم ينكر
علمًا بأن محمد قطب قد نوصح في نشره لأشعريات أخيه المتناثرة في كتابه (في ظلال القرآن) وضلالاته المتفق عليها دون استدراك من محمد قطب أو تعقيب أو تعليق.
يقول الشيخ محمد بن جميل زينو رحمه الله : ” كنت مولعاً بظلال القرآن لمؤلفه (سيد قطب) ولما قرأته وجدت وحدة الوجود في تفسير أول سورة الحديد وسورة الإخلاص ، وغيرها من الأخطاء التي تتنافى مع عقيدة الإسلام كقوله عن تفسير الاستواء الوارد في عدة آيات : كناية عن السيطرة والهيمنة ، وهذا مخالف للتفسير الوارد في البخاري عن مجاهد وأبي العالية : في قوله تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ} ، قال مجاهد وأبو العالية : علا وارتفع .
ذكرت ذلك لأخيه (محمد قطب) وقلت له : علق على كلام أخيك في الظلال ، فقال لي : أخي يتحمل مسئولية كلامه .
وبعد سنين … اتصلت به هاتفياً ، قلت له : أنت مشرف على طبعة الشروق (في ظلال القرآن) أنا أطالبك بالتعليق في الحاشية امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) . وأنت تستطيع أن تُغير بلسانك وقلمك ” . انتهى مختصرا من رسالة شهادة الإسلام ص41
فما حكم من ينشر مذهب الأشاعرة في تأويل الصفات بطبعه لكتاب يقرر ذلك, مع تنبيه الناس له ومطالبته بتغيير المنكر ولا يفعل ؟!
فإن وجد اليوم من يطبع وينشر مختصرات التفسير للصابوني المعاصر والمليئة بالأشعريات مع وجود الناصح له فهل يصح وصفه بالأشعري يا شيخ سليمان ؟!
ثم هل من النصح للدين وللمسلمين يا شيخ سليمان اختزال مخالفات محمد قطب ناشر بدع وضلالات أخيه سيد قطب المرجع الوحيد لغلاة التكفير في العصر الحديث في البدع الأشعرية فقط ؟
ويكأن الرجل وأخاه هما الحافظان ابن حجر والنووي رحمهما الله !!؟
وتغفل عن أن الرجلين فيما زعمت من اعتناءهما بتوحيد الحاكمية هما من أبعد الناس عن فهم الحاكمية الصحيحة المقررة في الكتاب والسنة وعند أئمة السنة الأحياء والميتيين .
فهل الفهم المنحرف الضال المضل للحاكمية عند آل قطب والمحصور في السلطة هو هو فهم الأئمة والعلماء السلفيين لها ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .
يقول سيد قطب [ظلال القرآن (1/291) ط السابعة عشرة 1412 هـ] يقول سيد قطب : ” والتعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ» .. نفي الجنس كما يقول النحويون.. أي نفي جنس الإكراه. نفي كونه ابتداء. فهو يستبعده من عالم الوجود والوقوع. وليس مجرد نهي عن مزاولته. والنهي في صورة النفي- والنفي للجنس- أعمق إيقاعاً وآكد دلالة “. انتهى .
يقول محمد صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الشريعة التي أفسد مفهومها سيد قطب في رؤوس أتباعه : ” أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ ” .انتهى
فيا أتباع قطب يا حركيين يا نحويين يا منصفين أجيبوني فضلا :
أليس قتال الناس ليشهدوا الشهادتين ابتداء فيه نوع إكراه ؟
فهل يصح قول سيد قطب : (( أي نفي جنس الإكراه. نفي كونه ابتداء. فهو يستبعده من عالم الوجود والوقوع. وليس مجرد نهي عن مزاولته )) ؟
أم هو كذب على الله تعالى وعلى حاكميته؟
ويقول سيد قطب [ظلال القرآن 1 / 291 ط السابعة عشرة 1412 هـ]: ” إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق «الإنسان» التي يثبت له بها وصف «إنسان» . فالذي يسلب إنساناً حرية الاعتقاد، إنما يسلبه إنسانيته ابتداء.. ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة، والأمن من الأذى والفتنة.. وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة ” .انتهى
فأين الفهم الصحيح لحاكمية الله مع هذا الكلام القبيح ؟
وفي [ظلال القرآن 3/1445-1446 ط السابعة عشرة لدار الشروق 1412 هـ] يقول سيد قطب : وبعد، فإن هناك بقية في بيان طبيعة «الجهاد في الإسلام» و «طبيعة هذا الدين» يمدنا بها المبحث المجمل القيم الذي أمدنا به المسلم العظيم السيد أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان، بعنوان «الجهاد في سبيل الله» .. وسنحتاج أن نقتبس منه فقرات طويلة لا غنى عنها لقارىء يريد رؤية واضحة دقيقة لهذا الموضوع الخطير العميق في بناء الحركة الإسلامية: ثم ذكر كلام أبي الأعلى المودودي ومنه قوله : “فأنت حر فيما تختاره من العقيدة ولك الخيار في أن تعبد بأي طريق شئت من رضيت به ربا لنفسك. وإن أبت نفسك إلا التحمس لهذه النحلة والانتصار لعقيدتها فلك أن تخترق الأرض، وتجوب بلاد الله الشاسعة، داعيا إلى عقيدتها، مدافعا عن كيانها بالحجج والبراهين، مجادلا من يخالفونك فيها بمرهفات الألسنة وأسنة الأقلام. أما السيف وآلات الحرب والقتال، فما لك وما لها في هذا الشأن؟ أتريد أن تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين بعقيدتك؟!
فأين حاكمية الله تعالى مع هذا الفهم المنحرف للدين .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ سَوَّغَ اتِّبَاعَ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ أوْ اتِّبَاعَ شَرِيعَةٍ غَيْرِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَافِرٌ .اهـ انظر (مجموع الفتاوى 28/524).
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر، لأن كل من اعتقد أن أحدا يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه كافر بالله عز وجل ، يستتاب ، فإن تاب وإلا وجب قتله . انتهى انظر “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ” (3/99 رقم 459).
ثم بعد ذلك يقول محمد قطب مجيبًا من سأله عن خلاصة رأيه في كتابات أخيه سيد ما نصه :
” ولي على هذه الخلاصة تعقيبان:
الأول : هو تأكدي الكامل – بإذن الله – من أنه ليس في هذه الكتابات ما يخالف الكتاب والسنة ، اللذين تقوم عليهما دعوة الإخوان المسلمين .الثاني : هو تأكدي الكامل – أيضاً – من أنه ليس في هذه الكتابات ما يخالف أفكار الإمام الشهيد حسن البنا ، مؤسس هذه الجماعة ، ولا ما يخالف أقواله …ثم قال : “تلك حقائق أرى أن من واجبي أن أبينها وأوضحها أداء للشهادة لله ، فإننا لا ندري متى نلقى الله … ولا ينبغي لنا أن نلقاه وقد كتمنا الشهادة عندنا لله “. والله الموفق إلى سواء السبيل ” . المصدر كتاب سيد قطب الأديب الناقد ( ص 586 – 589 ) .
ومع كل هذا يقول الشيخ سليمان الخراشي هداه الله : ” لا تغتر بحملة بعض السلفيين الحزبيين ممن وافقوا المرجئة على الشيخ محمد قطب ؛ لأنها بسبب حملته على الإرجاء في كتبه ، وبسبب قوله بكفر من يحكم بالقوانين الوضعية ، وهذا رأي كثير من العلماء ؛ كالشيخ صالح الفوزان وغيره ” . انتهى
عجبت من الزمان وأي شيءٍ …
عجيبٍ لا أراه من الزمانِ
أتأخذ قوت جرذانٍ عجافٍ … فتجعله لأوعالٍ سمانِ
والله أسال أن يرجع الشيخ سليمان الخراشي وفقه الله لتمام الهداية, وعن تحسين حال رؤوس القطبية, المنحرفة عن الدين والمتوعدة بوعيد الحائدين عن صراط الله المستقيم, وألا يكون مغررًا بكلامه هذا لشباب الأمة المتلمسين طريق الرجوع عن البدعة الحركية .
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله كثيرًا
كتب / علي بن عمر النهدي
13 جمادى الأخرة 1435