هل العقل والفطرة من ضمن مصادر الشرع؟
يقال جوابًا على هذا: إن الفطرة من حيث الأصل فطرة خير، فقد فطر الناس على الخير.
لذا في الصحيحين قال ﷺ: ((ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه)) فإذن هذا يدل على أن الناس على فطرة الخير، وعلى قبول الخير، لكن تُفسَد بعد ذلك إذا وُجد من يُفسدها، وإلا نمت وازدادت خيرًا.
أما العقل: فليس دليلًا شرعيًا مستقلًا بذاته عند أهل السنة؛ بل هو تبعٌ للشرع، وهذا بخلاف المعتزلة الذين جعلوا العقل دليلًا مستقلًا، ويقابلهم الأشاعرة الذين لم يجعلوا العقل دليلًا في التحسين والتقبيح؛ لكن جعلوه دليلًا في رد الأدلة الشرعية، فهذا من تناقضات الأشاعرة الكثيرة، كما ذكر ذلك السجزي في “رسالته لأهل زبيد”، وذلك لمسألة التحسين والتقبيح، وقد ضلت فيها طائفتان كبيرتان:
الطائفة الأولى: المعتزلة، وقالوا: العقل يحسِّن ويقبِّح وحده، وينبني على هذا الثواب والعقاب .
والأشاعرة قالوا: العقل لا يحسِّن ولا يقبِّح، ولا يميِّز بين الطِّيب والعذرة، كما ذكره ابن القيم عنهم في كتابه: “مدارج السالكين”.
وأهل السنة يقولون: العقل يحسِّن ويقبِّح؛ لكن لا يترتب على تحسينه ولا تقبيحه ثوابٌ ولا عقاب.
والعقل عند أهل السنة تابعٌ للشرع، فلا يصح أن تُرَدَّ النصوص الشرعية بالعقل، بل العقل تابعٌ للشرع؛ وعقول بني آدم ضعيفة، وهي متناقضة، ومتعارضة، بل عقل الرجل الواحد يختلف ما بين حينٍ وآخر، فاليوم يرى أمرًا حسنًا، وغدًا يراه خلاف ذلك.
أسأل الله أن يحينا جميعًا على التوحيد والسنة، وأن يميتنا على ذلك، وجزاكم الله خيرًا.