يقول السائل: لقد سألني شخصان، أحدهما: تبليغيًّا والآخر يشبه عليه- قد يريد يشبه عليه عن جماعة الدعوة والتبليغ-، فقلت: لقد ذمهم العلماء، وأعطيتهم كتاب “التحذير من التبليغ” للشيخ التويجري.
ثم نُقِل الخبر لأميرهم كما يزعمون، فقال لي: أنت تصد عن سبيل الله، ولقد تراجع جميع من العلماء عن ذمهم، ومدحوهم وأتوا بصوتٍ للعثيمين في مدح فعلهم، ماذا أفعل؟ وهل كلامهم صحيح أني أصد عن سبيل الله؟ وأرجو أن تذكر أسماء كتب تعلمنا كيف ندعو لله -عز وجل- لكي لا نَضِل ولا نُضل، جزاك الله خيرًا.
يُقال جوابًا عن هذا السؤال: إن جماعة التبليغ جماعة بدعية ضالة بما لا شك فيه ولا مرية، والأدلة ظاهرة واضحة ساطعة، وهي في ظهورها كظهور الشمس في رائعة النهار، وإليك بعض هذه الأدلة على عجالة سريعة.
الدليل الأول: أن جماعة التبليغ لا يعتنون بتوحيد الإلهية، ولا يدعون إلى ذلك، ولا يحذّرون من الشرك الذي هو صرف عبادة لغير الله، وهم بفعلهم هذا ضلال وأهل بدع؛ لأنهم خالفوا الأنبياء والمرسلين فيما أرسلوا من أجله، وما دعوا إليه.
والأمر الثاني: أن جماعة التبليغ لا يحذِّرون من البدع حتى لا يفرِّقوا الصف بزعمهم، وفعلهم هذا سبب لتبديعهم لأنهم لم يقوموا بما جاء في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم من التحذير من البدع التي هي أشد إثمًا من المعاصي الشهوانية بالإجماع، كما حكى الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية.
الأمر الثالث: جماعة التبليغ لا ينكرون المنكر؛ لأنهم بزعمهم ويقولون: إن إنكار المنكر ينفِّر المدعو، فلذلك لا ينكرون المنكر، وهم بهذا قد خالفوا كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما عليه سلف هذه الأمة.
وهذا سبب رئيس من الأسباب الكثيرة في تبديع هذه الجماعة.
إذ هل يمكن أن يأتوا بطريقة خير مما جاء في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما سار عليه سلف هذه الأمة؟، والله يقول: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران:110].
وقد أنكر ابن القيم في كتابه “بدائع الفوائد” على من قال: آمر بالمعروف، ولا أنكر المنكر.
الأمر الرابع: جماعة التبليغ لا يدعون إلى العلم، بل هم يحذِّرون من العلم والعلماء بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ويضربون أمثلة في التحذير من العلماء، وهم بطريقتهم هذه قد ناطحوا وخالفوا الوحي المنزَّل، فإن حقيقة العلم هو الوحي المنزل كما قال سبحانه: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:145]، فسمى الوحي علمًا.
فمخالفتهم ومحاربتهم للعلم هو محاربة للوحي، كيف يريدون أن يسير السالك إلى الله بغير كشاف ينير له الطريق وهو العلم، يريدون أن يسير السالك في ظلمة حتى تخطفه لصوص وشياطين الإنس والجن.
الأمر الخامس: أنهم متحزبون مع الجماعة، فكل من كان مع جماعتهم يعظمونه ويقدرونه، ومن خالفهم بغضوه وعادوه، وتراهم يتجملون بالأخلاق الحسنة في صفوف جماعتهم ومن يرجون أن يكون من جماعتهم.
لكن إذا تبين لهم أنه مخالف لهم كشروا عن أنيابهم، وظهرت حقيقة أخلاقهم، فعادوه وحذَّروا منه إلى غير ذلك.
فأوجه ضلال هذه الجماعة كثيرة للغاية، فهم جماعة بدعية ضالة، لذا سئل شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى عن جماعة الإخوان المسلمين، والتبليغ، فقال: “هم من عموم اثنتي والسبعين الفرقة الضالة”، وهذا موجود بصوته، ذكره في آخر حياته رحمه الله تعالى.
ومما ذكر الدكتور محمد الشويعر -وفقه الله- أن الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- طلب منه أن يجمع جميع فتاواه في جماعة التبليغ ومزَّقها، وأبقى الفتوى التي فيها تحذير من هذه الجماعة، فقد خُتِم لشيخنا ابن باز، وهو يحذر من هذه الجماعة، هذا فيما يتعلق بشيخنا ابن باز.
والشيخ حمود التويجري له كتاب معروف في التحذير من هذه الجماعة، والشيخ صالح الفوزان كرر كثيرًا التحذير من هذه الجماعة، ورد عليهم لما قالوا: إن الشيخ صالحًا الفوزان قد تراجع، وأنكر هذا، ورد عليهم.
ومثل ذلك الشيخ العلامة سعد الحصين رد عليهم كثيرًا ، وكرر الرد عليهم حتى لما أشاعوا أن الشيخ سعدًا الحصين تراجع، أخرج ردًا، وأكد ضلالهم، وهو مقال موجود في موقعه.
فلا يزال العلماء يتتابعون في الرد على هذه الجماعة، وعلى تضليلها، وأنها جماعة بدعية، من الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم إلى الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، والشيخ صالح الفوزان إلى غيرهم من علمائنا.
حتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، له كلام فيه عدم تضليل هذه الجماعة، ولم يذكرهم باسمهم – والله أعلم-، لكن له كلام آخر، ضللهم وبدعهم وهو من كلامه في آخر حياته، قد شهد على ذلك ثلاثة من تلاميذه وطلابه، وكتبوا ذلك ودوَّنوه، وهو موجود في “موقع الإسلام العتيق”.
فهذه جماعة بدعية ضالة، وقد اتخذوا الكذب سبيلًا وطريقًا للدعوة إلى بدعتهم، فيكرِّرون ما بين حين وآخر أن العلماء تراجعوا، وأن العلماء معهم، ويتزينون أمام العلماء بما يريدون به خديعتهم.
وقد يخدعون بعض العلماء لكن ما أن تمر الأيام إلا ويتنبه العالم لخديعتهم، وقد نبه إلى هذا الشيخ العلامة المجاهد حمود التويجري رحمه الله تعالى، وذكره غيرهم من أهل العلم، فهي جماعة بدعية ضالة لما تقدم ذكرها.
وينبغي أن يكون منطلقنا الأدلة الشرعية، على فهم سلف هذه الأمة، فإن هذه الجماعة ضالة بمقتضى هذه الأدلة، فوالله لو زكاها من زكاها، فإنه يكفي لبيان ضلالهم طريقتهم التي تقدم ذكرها.
فكيف وقد دلت الأدلة على ضلالهم مع فتاوى العلماء الكثيرة في بيان ضلالهم، والمؤلفات التي كتبها أهل السنة في بيان ضلال هذه الجماعة كثيرة من كتب ومقالات وصوتيات، وفي “موقع الإسلام العتيق” ركن خاص في المقالات والكتب والصوتيات في الرد على هذه الجماعة، أدعو السائل أن يرجع إليها؛ ليعرف ما عليه هذه الجماعة.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمَنا ما يَنْفَعَنَا، وأن يَنْفَعَنَا بما عَلَّمَنَا، وجزاكم الله خيرًا.