يقول السائل: أنا طالب علم في بلاد الحبشة عاصمة أديس أبابا وأهلي يفعلون الشركيات ولا يصلون الصلاة، وإذا نصحتهم لا يقبلون نصيحتي، هل يجوز لي أن أسكن معهم؟
الجواب:
أسأل الله الذي لا إله إلا هو بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي أهلك للتوحيد وللصلاة وللقيام بطاعة الله، هم وكل من ضلَّ من المسلمين.
أما هجرهم فالأصل أن أمثال هؤلاء يُهجرون؛ لأنهم وقعوا في كبائر بل في شركيات -عافاني الله وإياكم-.
إلا أنه يُستثنى من ذلك الوالدان، فإن قُدر أن الوالدين ممن سأل عنهم السائل فإن للوالدين تعاملًا خاصًا، وقد ذكر ربنا أن الوالدين إذا كانا كافرين ويدعوان ولدهما إلى الكفر فإنه لابد أن يُصاحبها في الدنيا مصاحبة خير، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ [لقمان: 15].
أما ما عدا الوالدين فإنهم يُهجرون، هذا هو الأصل، لقوله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22]. إذن هذا الأصل، ولا يُنتقل عن هذا الأصل إلا لمصلحة راجحة.
ومما ينبغي أن يُراعى في الهجر: أحيانًا قد ينتفع المهجورون بالهجر، وأحيانًا لا ينتفعون لكن ينتفع الهاجر بأن يسلم من شرهم، وأحيانًا لا ينتفع لا المهجور ولا الهاجر لكن ينتفع المجتمع، فإذن هذه الأمور لابد أن تُراعى، فالأصل هو وجوب الهجر ولا يُنتقل عن هذا الأصل إلا لمصلحة راجحة.
مع أني أؤكد على السائل وعلى المسلمين أجمعين أن يجتهدوا في دعوة كل من ضلّ، فليجتهدوا في دعوتهم وليكلم إمام المسجد إن كان سنيًا أن يجتهد في دعوتهم وأن يُكلم كل من يظن أنهم يؤثرون عليهم، ويدعو الله لهم كثيرًا.
أسأل الله أن يهديهم يا رب العالمين.