يقول السائل: هل يجوز لي إخراج بعض من زكاة مالي قبل حلول الأجل بأربعة أشهر لإعانة شاب على الزواج بمبلغ معين؟
الجواب:
إن لهذا السؤال شقين:
الشق الأول: جواز تعجيل الزكاة، وعلى أصح أقوال أهل العلم أنه يجوز تعجيل الزكاة في مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، بل وقد قرر الحنابلة في أحد القولين أنه يجوز تقديمها لسنة أو سنتين أو ثلاث، وهذا الصحيح؛ لأنه لا دليل يمنع من ذلك.
أما الشق الثاني: إخراج الزكاة لإعانة شاب على الزواج.
إن الله ذكر أصناف الزكاة في ثمانية، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة: 60].
فالزكاة محصورة في هؤلاء الثمانية، وليس إعانة الشاب على الزواج داخلًا في أحد هذه الأصناف الثمانية، فإذن لا يصح أن يعطى الشاب الذي يريد الزواج زكاةً.
فإن قال قائل: قد قال سبحانه: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، فهو عام يشمل كل أعمال الخير؟
فيقال: الجواب عن هذا من أوجه:
الوجه الأول: أن تعميم هذا قول شاذ، وإنما قال به المتأخرون كالرازي وغيره، وهو خلاف ما عليه المذاهب الأربعة، وما عليه أهل العلم.
والوجه الثاني: أن ابن عبد البر حكى الإجماع على أن الزكاة لا تُخْرَج في شراء مصحف ولا في بناء مسجد، ولا في تكفين ميت ولا غيره، إلى غير ذلك، فدل هذا على أن قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ ليس على عمومه.
الأمر الثالث: أن إطلاق في “سبيل الله” في القرآن أكثر ما أطلق على الجهاد، فلذا يحمل عليه من باب الظاهر أصوليًّا، ذكر هذا ابن قدامة -رحمه الله تعالى-، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، ولأحمد رواية أخرى: أن المراد قوله في “سبيل الله” أي: الحاج، لكن الأول وهو الصواب؛ لأنه أكثر استعمالًا في كتاب الله.