يقول السائل: انتشرت فتوى للشيخ عثمان الخميس سبَّبت تشويشًا؛ وذلك أنه ذكر أنه يجب على الأب قبل أن يُخرج صدقة الفطر أن يستأذن أولاده، فإن لم يستأذنهم لم تُجزئ، بل صارت صدقة؛ لأنه يشترط في صدقة الفطر النية.
الجواب:
إن في هذه المسألة تفصيلًا يتضح -والله أعلم- فيما يلي:
الأمر الأول: أنه يشترط في زكاة الفطر النية، فمن لم ينوِ لم تصح منه زكاة الفطر، وعلى هذا المذاهب الأربعة، ويدل لذلك ما روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال: «وإنما لكل امرئٍ ما نوى».
الأمر الثاني: تجبُ زكاة الفطر على الرجل وعلى مَن تحته ممن يعولهم، وعلى هذا المذاهب الأربعة، ويدل لذلك ما ثبت في مسند إسحاق كما في (المطالب العالية) عن أسماء -رضي الله عنها- أنها كانت تعطي زكاة الفطر عمَّن تمون من أهلها، الصغير والكبير والشاهد والغائب.
وثبت عند البيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يُطعم عن رقيقِه صدقة الفطر.
الأمر الثالث: الأولاد قسمان:
القسم الأولاد: أولاد تحت أبيهم وتحت نفقته، بأن لم ينفردوا بنفقتهم ولم يستقلوا، ولا يزالون محتاجين وتحت أبيهم، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، فهؤلاء تجب صدقة الفطر في حق أبيهم، فيجب عليه أن يُخرجها عنهم، ولا يستأذنهم؛ لأنهم تبعٌ له، وقد تقدم عن أسماء وابن عمر -رضي الله عنهما- أنهم كانوا يخرجون عمن تحتهم، وليس فيه أنهم استأذنوهم أو طلبوا منهم أن ينووا، ولم أر هذا في كلام الفقهاء، ومن قال ذلك فقد خالف ما تقدم ذكره من فعل الصحابة ومن كلام الفقهاء.
القسم الثاني: أولادٌ استقلوا، بأن أصبحوا موظفين مستقلين، أو له نفقته وله دخله وله تجارته، فمثل هذا يجب على الولد الذي استقلَّ بدخلِه وبنفقته وليس تحت نفقة أبيه، يجب عليه أن يُخرج عن نفسه، فإذا أراد أبوه أن يُخرج عنه فيجب على أبيه أن يستأذنه؛ لأن النية شرطٌ لِصحة صدقة الفطر كما تقدم.
فإذن الأولاد من الذكور والإناث ليسوا على درجة واحدة، بل يُقسَّمون بما تقدم ذكره.
الأمر الرابع: ما عند الرجل من الخدم سواء كانوا سائقين أو غير ذلك، فهؤلاء إذا كانوا مسلمين وقادرين على إخراج زكاة الفطر فإنه يجب عليهم أن يخرجوها عن أنفسهم، ولو أراد المسؤول عنهم أن يُخرجها عنهم فيصح ذلك لكن بعد أن يستأذنهم ثم يأذنوا له؛ لأنهم مستقلون وإنما يعملون عنده بأجرة، وهذا بخلاف الرقيق والمملوك فيما سبق، فإنه من مال سيده وتبع سيده وليس مستقلًّا، أما هؤلاء الخدم حقيقتهم مستأجرون.
بهذا التفصيل -والله أعلم- ينجلي الأمر ويزول الإشكال.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.