يقول السائل: هل يشترط لإنكار منكَرٍ أن يكون مجمعًا على حرمته؛ لأن الشخص المنكَر عليه قد يكون من العامة الذين يقلِّدون بعض أهل العلم، وقد يكون من طلبة علم لكن يرجِّح قولًا آخر نراه نحن منكَرًا، فهل يجب الإنكار في هذه الحالة أم يُستَحبُّ فقط؟
يُقَالُ جوابًا عن هذا السؤال: مما بيَّن العلماء خطأه، وهو قول القائل: “لا إنكار في مسائل الخلاف”، وبيَّنوا أن هذا خطأ، وممن بيَّن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وقال ابن القيم في كتابه: “إعلام الموقعين”: “لا يقول بهذا فقيه، وإنما يقال: لا إنكار في مسائل الاجتهاد”.
ثم ذكر تفصيلًا، قد أخذ أصله، أو هو موجود في كلام شيخه-رحمه لله تعالى- في كتاب “بيان الدليل”.
ومما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: أن المسائل التي لا يسوغ الخلاف فيها يُنكَر على القول وعلى القائل، هذه المسائل التي لا يسوغ الخلاف فيها.
أما إذا كانت المسائل مما يسوغ الخلاف فيها فإنه لا يُنكَر على القائل، وإنما يُنكَر القول ببيان أنه مرجوح، وأنه لا يصح العمل به، لأن الدِّين على خلافه إلى غير ذلك.
وذكرا-رحمهم الله تعالى- أن طريقة العلماء بأن يبيِّنوا أن هذا القول مرجوح لدليل كذا وكذا، هذا نوع من الإنكار؛ لكنه إنكار على القول لا على القائل.
أما باب النصح فإنه أوسع، إذا رأيت غيرك على قولٍ مرجوح لك أن تُناصِحه، وأن تدعوه إلى القول الراجح بدليله، وبإنكار على القول، فإنْ استجاب فالحمد لله، وإن لم يستجب فهو معذور بأنْ قَلَّد مَن يَثِق به.
وهم وإياك ما بَيْنَ أجرٍ أوأَجرَين، فالمصيب: له أجران، والمخطئ له أجر واحد، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة و عمرو بن العاص، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب ، فله أجران، وإذا أخطأ، فله أجرٌ واحد».
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وجزكم الله خيرًا.